نظرة في حديث مختلق











نظرة في حديث مختلق



(القرينة التاسعة عشر) سبق ايضا ص 246 -239 حديث إنکار الحارث الفهري معني قول النبي صلي الله عليه وآله في حديث الغدير، وشرحنا ص 343 تأکد عدم إلتئامه مع غير الاولي من معاني المولي.

(القرينة العشرون): أخرج الحافظ إبن السمان کما في الرياض النضرة 2 ص 170، وذخاير العقبي للمحب الطبري ص 68، ووسيلة المآل للشيخ أحمد بن باکثير المکي،ومناقب الخوارزمي ص 97، والصواعق ص 107 عن الحافظ الدارقطني عن عمر وقد جاءه أعرابيان يختصمان فقال لعلي: إقض بينهما، فقال أحدهما: هذا يقضي بيننا؟ فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه وقال: ويحک ما تدري من هذا؟ هذا مولاي ومولي کل مؤمن، ومن لم يکن مولاه فليس بمؤمن.

وعنه وقد نازعه رجل في مسألة فقال: بيني وبينک هذا الجالس، وأشار إلي علي بن أبي طالب فقال الرجل: هذا الابطن؟ فنهض عمر عن مجلسه وأخذ بتلبيبه حتي شاله من الارض ثم قال: أتدري من صغرت؟ هذا مولاي ومولي کل مسلم.

وفي الفتوحات الاسلامية 2 ص 307 حکم علي مرة علي أعرابي بحکم فلم يرض بحکمه فتلببه عمر بن الخطاب وقال: له ويلک انه مولاک ومولي کل مؤمن و مؤمنة. وأخرج الطبراني انه قيل لعمر: إنک تصنع بعلي- أي من التعظيم- شيئا

[صفحه 383]

لا تصنع مع أحد من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم فقال: إنه مولاي. وذکره الزرقاني المالکي في شرح المواهب ص 13 عن الدارقطني.

فإن المولوية الثابتة لاميرالمؤمنين التي إعترف بها عمر علي نفسه وعلي کل مؤمن زنة ما إعترف به يوم غدير خم، وشفع ذلک بنفي الايمان عمن لا يکون الوصي مولاه، أي لم يعترف له بالمولوية، أو لم يکن هو مولي له أي محبا أو ناصرا، ولکن علي حد ينفي عنه الايمان إن إنتفي عنه ذلک الحب والنصرة، لا ترتبط إلا مع ثبوت الخلافة له، فإن الحب والنصرة العاديين المندوب إليهما بين عامة المسلمين لا ينفي بانتفائه الايمان، ولا يمکن القول بذلک نظرا إلي ما شجر من الخلاف والتباغض بين الصحابة والتابعين حتي آل في بعض الموارد إلي التشاتم، والتلاکم، وإلي المقاتلة، والمناضلة، وکان بعضها بمشهد من النبي صلي الله عليه وآله فلم ينف عنهم الايمان، ولا غمز القائلون بعدالة الصحابة أجمع في أحد منهم بذلک، فلم يبق إلا أن تکون الولاية التي هذه صفتها معناها الامامة الملازمة للاولوية المقصودة سواء أوعز عمر بکلمته هذه إلي حديث الغدير کما تومي اليه رواية الحافظ محب الدين الطبري لها في ذيل أحاديث الغدير، أو أنه أرسلها حقيقة راهنة ثابتة عنده من شتي النواحي.

(تذييل)

عزي إبن الاثير في النهاية 4 ص 246، والحلبي في السيرة 3 ص 304 وبعض آخر إلي القيل وذکروا ان السبب في قوله صلي الله عليه وآله: من کنت مولاه: ان اسامة بن زيد قال لعلي: لست مولاي إنما مولاي رسول الله. فقال صلي الله عليه وآله: من کنت مولاه فعلي مولاه.

إن من روي هذه الرواية المجهولة أراد حطا من عظمة الحديث، وتحطيما لمنعته فصوره بصورة مصغرة لا تعدو عن أن تکون قضية شخصية، وحوارا بين إثنين من أفرد الامة، أصلحه رسول الله بکلمته هذه، وهو يجهل أو يتجاهل عن أنه تخصمه علي تلک المزعمة الاحاديث المتضافرة في سبب الاشادة بذلک الذکر الحکيم من نزول آية التبليغ إلي مقدمات ومقارنات اخري لا يلتأم شيئ منها مع هذه الاکذوبة، ومثلها الآية الکريمة الناصة بکمال الدين، وتمام النعمة، ورضي الرب بذلک الهتاف المبين،

[صفحه 384]

وليست هذه لعظمة من قيمة الاصلاح بين رجلين تلاحيا، لکن ذهب علي الرجل انه لم يزد إلا تأکيدا في المعني وحجة علي الخصم علي تقدير الصحة.

فهب أن السبب لذلک البيان الواضح هو ما ذکر لکنا نقول: إن ما أنکره اسامة علي أميرالمؤمنين عليه السلام من معني المولي وأثبته لرسول الله خاصه دون أي أحد لابد أن يکون شيئا فيه تفضيل لا معني ينوء به کل أحد حتي اسامة نفسه ولا تفاضل بين المسلمين من ناحيته في الجملة، وذلک المعني المستنکر المثبت لا يکون إلا الاولوية أو ما يجري مجراها من معاني المولي.

ونقول: إن النبي صلي الله عليه وآله لما علم أن في امته من لا يلاحي إبن عمه ويناوئه بالقول ويخشي أن يکون له مغبة وخيمة تأول إلي مضادته، ونصب العراقيل أمام سيره الاصلاحي من بعده، عقد ذلک المحتشد العظيم فنوه بموقف وصيه من الدين، وزلفته منه، ومکانته من الجلالة، وإنه ليس لاحد من أفراد الامة أن يقابله بشئ من القول أو العمل وإنما عليهم الطاعة له، والخضوع لامره، والرضوخ لمقامه، وأنه يجري فيهم مجراه من بعده، فاکتسح بذلک المعاثر عن خطته، وألحب السنن إلي طاعته، وقطع المعاذير عن محادته بخطبته التي ألقاها، ونحن لم نأل جهدا في إفاضة القول في مفاده.



صفحه 383، 384.