مما سئل عنه
و سُئِل عمّا بين الحقّ و الباطل فيقول: مسافة أربع أصابع، الحقّ أن تقول: [صفحه 188] رأيت بعيني، و الباطل أن تقول: سمعت باُذني[1] . و غير ذلک من قضاياه، و هي أدلّ دليل علي أنّه مؤيّد من عند اللَّه تعالي، و أنّه کان واثقاً من نفسه کلّ الوثوق بأنّه لا يغيب عنه جواب مسألة، فيقول: «سلوني قبل أن تفقدوني». و في شرح ابن أبي الحديد المعتزلي في ذيل الخطبة )92( «فَاسألُوني قبل أنْ تَفْقِدُوني، فَوَالّذي نَفْسي بِيَدِهِ لا تَسأَلُونَني عَنْ شَي ء فِيما بَيْنَکُمْ وَ بَيْنَ السّاعَةِ وَ لا عَنْ فَئِةٍ تَهدي مائةً و تُضلُّ مائةً إلّا أنْبَأتُکُمْ بِناعِقِها وَ قائِدِها وَ سائِقِها، و مناخِ رِکابِها، وَ مَحطِّ رِحالِها، وَ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أهْلِها قتْلاً، وَ مَنْ يَمُوتُ مِنْهُم مَوتاً». قال ابن أبي الحديد: روي صاحب کتاب الاستيعاب، عن جماعة من الرواة و المحدّثين، قالوا: لم يقل أحدٌ من الصحابة «سلوني» إلّا علي بن أبي طالب عليه السلام[2] . و لنذکر هنا بعض ما ورد من الأخبار في هذا الباب توضيحاً للبحث و تتميماً للفائدة: 1- روي ابن عساکر الشافعي عن ابن الطبّال، قال: سمعت محمّد بن فضيل يقول: سمعت ابن شبرمة يقول: ما کان أحدٌ علي المنبر يقول: سلوني عمّا بين اللّوحين إلّا عليّ بن أبي طالب عليه السلام.[3] . 2- و عنه أيضاً، عن سعيد بن المسيب، قال: لم يکن أحد من أصحاب النبيّ صلي الله عليه و آله يقول: سلوني إلّا عليّ عليه السلام.[4] . 3- و عنه أيضاً، عن خالد بن عَرعَرة، قال: أتيتُ الرحبة فإذا أنا بنفرٍ جلوس، [صفحه 189] قريب من ثلاثين أو أربعين رجلاً فقعدت فيهم، فخرج علينا عليّ عليه السلام، فما رأيته أنکر أحداً من القوم غيري، فقال: ألا رجل يسألني فينتفع و ينفع نفسه.[5] . 4- و في الإصابة لابن حجر العقسلاني، عن أبي الطُّفيل قال: کان عليّ عليه السلام يقول: «سلوني، سلوني و سلوني عن کتاب اللَّه، فواللَّه ما من آية إلّا و أنا أعلم أنزلتْ بليلٍ أو نهارٍ».[6] . 5- و في الاستيعاب لابن عبد البر المالکي، قال: روي معمر، عن وهب بن عبداللَّه، عن أبي الطفيل، قال: شهدت عليّاً عليه السلام يخطب و هو يقول: «سلوني، فواللَّه لا تسألوني عن شي ء إلّا أخبرتکم، و سلوني عن کتاب اللَّه، فواللَّه ما من آية إلاّ و أنا أعلم، أبليل نزلت أم بنهارٍ، أم في سهل أم في جبل».[7] . 6- عن محمّد بن طلحة الشافعي في مطالب السؤول: قال عليّ عليه السلام مرّة: «لو شئت لأوقرت بعيراً عن تفسير «بِسمِ اللَّه الرّحمنِ الرّحِيمِ»». و قال مرّة: «لو کسرت لي الوسادة ثمّ جلست عليها لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم، و بين أهل الإنجيل بانجيلهم، و بين أهل الزبور بزبورهم، و بين أهل الفرقان بفرقانهم، واللَّه ما من آية اُنزلت في برٍّ أو بحرٍ، و لا سهلٍ و لا جبلٍ و لا سماءٍ و لا أرضٍ، و لا ليلٍ و لا نهارٍ إلّا و أنا أعلم فيمن نزلت و في أيّ شي ء نزلت».[8] . [صفحه 190]
قد سُئِل وهو علي المنبر، عن المسافة فيما بين المشرق و المغرب فأجاب: بأنّه مسيرة يوم للشمس، و هو جواب مقنع أحسن ما يجاب به هذا السؤال.
صفحه 188، 189، 190.