علي و المسابقة إلي الهجرة











علي و المسابقة إلي الهجرة



کان عليّ عليه السلام أسبق إلي الهجرة من سائر الصحابة و أکثرهم هجرة، فإنّه هاجر مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله مراراً في صدر الإسلام عندما آمن قليل من المسلمين في مکّة، و نشير إلي هجراته إجمالاً:

الاُولي: الهجرة إلي الشعب- أعني شعب أبي طالب- و کان المهاجرون إليه من بني هاشم، و عليّ عليه السلام منهم، و نزل في شأنهم: «السّابقُونَ الأوَّلَون مِن المهاجِرِينَ و الأنصار».[1] .

الثانية: الهجرة إلي الطائف بعد وفاة أبيه أبي طالب و خديجة الکبري و قبل الهجرة إلي المدينة، و کان المهاجرون إليها رسول اللَّه صلي الله عليه و آله و عليّاً عليه السلام و زيداً، و أقاموا فيها عشرة أيّام، و قيل: أقاموا شهراً، فدعاهم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إلي الإسلام، ثمّ رجعوا إلي مکّة.

الثالثة: الهجرة إلي المدينة و هي أهمّها، و صارت مبدأ تاريخ الإسلام، و منشأ قدرته، و تشکيل حکومته الحقّة، فإنّ عليّاً عليه السلام، و إن لم يکن في جوار

[صفحه 149]

رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لحظة الهجرة، و لکنّه نام في فراشه ليلة المبيت، و نزلت في شانه: «وَ مِنَ النّاسِ مَن يَشري نَفسَهُ ابتغاءَ مرضاتِ اللَّه و اللَّه رؤفٌ بِالعباد» فقد روي الجويني و الخوارزمي و الحاکم و الحافظ الحسکاني بالاسناد عن حکيم بن جبير، عن علي بن الحسين عليه السلام، أنّه قال: «أول من شري نفسه ابتغاء رضوان اللَّه هو علي بن أبي طالب عليه السلام» الحديث.[2] .

و هاجر عليه السلام ماشياً مع الفواطم بعد أن أدّي ديون رسول اللَّه صلي الله عليه و آله و أماناته و عمل بعهوده، و توقّف رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في مسجد قبا حتّي لحق به عليّ عليه السلام، ثمّ دخل رسول اللَّه صلي الله عليه و آله المدينة مع عليّ عليه السلام.

فهذه هجرة عليّ عليه السلام، کان أکثر هجرة من غيره و أسبق إليها، و کانت هجرته حقّاً هجرةً إلي اللَّه و رسوله، و کانت أسمي هجرة بعد هجرة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ، و اختصّ عليّ عليه السلام بهذه المنقبة العالية، و کان هو عليه السلام أحسن و أفضل مصاديق آيات الهجرة في القرآن الکريم، کقوله تعالي: «إنّ الَّذينَ آمَنُوا و الَّذينَ هاجَروا وَ جاهُدوا في سَبيل اللَّه اُولئِکَ يَرجُونَ رحمة اللَّه وَ اللَّه غَفورٌ رحيمٌ»[3] ، و قوله: «وَ الَّذينَ هاجَروا واُخرِجُوا مِن دِيارِهِم و اُوذوُا في سَبيلي. ..و لأُدْخِلنَّهمم جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِها الأنهارُ ثواباً مِن عندِ اللَّه وَ اللَّه عندهُ حُسنُ الثَّواب[4] «، و قوله: «و الّذينَ هَاجرُوا في اللَّه مِنْ بَعدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوئَنَّهُمْ في الدُّنيا حَسَنَةً وَ لأجْرُ الآخِرة أکْبَرُ لَو کانُوا يَعْلَمونَ».[5] .

[صفحه 150]



صفحه 149، 150.





  1. التوبة، 100.
  2. فرائد السمطين، ج 1، ص 330، ح 256؛ مناقب الخوارزمي، ص 74؛المستدرک، ج 3، ص 4؛ شواهد التنزيل، ج 1، ص 101، ح 140.
  3. البقرة، 218.
  4. آل عمران، 195.
  5. النحل، 41.