تربيته في حجر رسول اللَّه











تربيته في حجر رسول اللَّه



قال ابن حجر العسقلاني الشافعي: ولد علي عليه السلام قبل البعثة بعشر سنين، فرُبِّيَ في حجر النبي صلي الله عليه و آله و لم يفارقه، و شهد معه المشاهد إلّا غزوة تبوک.[1] قال ابن هشام: أول ذکر من الناس آمن برسول اللَّه صلي الله عليه و آله و صدّق بما جاءه من اللَّه تعالي علي بن أبي طالب، و هو يومئذٍ ابن عشر سنين، و کان مما أنعم اللَّه علي علي بن أبي طالب أنّه کان في حجر رسول اللَّه قبل الاسلام.[2] .

و قال ابن الأثير و غيره من المؤرخين: و کان من نعمة اللَّه علي علي بن أبي طالب أنّ قريشاً أصابتهم أزمةٌ شديدةٌ، و کان أبوطالب ذا عيال کثير، فقال يوماً رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لعمّه العباس: يا عمّ، إنّ أباطالب کثير العيال، فانطلق بنا نخفّف عن عيال أبي طالب، فانطلقا إليه و أعلماه ما أرادا، فقال أبوطالب: اترکا لي عقيلاً، و اصنعا ما شئتما، فأخذ رسول اللَّه علياً، و أخذ العباس جعفراً، فلم يزل عليّ عليه السلام عند النبي صلي الله عليه و آله حتي أرسله اللَّه فاتّبعه.[3] .

[صفحه 141]

قال عليّ عليه السلام حول موضعه من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله و تربيته في حجره: «وَ قَد عَلِمْتُم مَوضعي مِن رسولِ اللَّه بالقرابةِ القَرِيبَةِ و المنزلة الخَصيصَة، وَضَعني في حجره وَ أنا وليدٌ يَضمُّني إلي صَدره، وَ يکنِفني في فِراشِه، و يُمِسُّني جَسَدَهُ، وَ يُشمُّني عَرْفَه، و کانَ يَمضَغُ الشي ءَ ثمّ يُلقِمُنيهِ، وَ ما وَجَدَ لي کِذبةً في قول، و لا خَطلةً في فِعل.

و لقد قَرَنَ اللَّه بِهِ صلي الله عليه و آله مِن لَدن أن کان فَطيماً أعظمَ مَلکٍ مِن ملائکته، يَسلُکُ بِهِ طريقَ المَکارِم و مَحاسِنَ أخلاق العالَمِ لَيلَهُ و نهارَهُ، و لقد کُنتُ أتَّبِعه اتِّباع الفَصيل أثَرَ اُمّهِ، يَرفَعُ لي في کلِّ يومٍ مِن أخلاقِه عَلَماً، و يأمُرُني بالاقتداء بِهِ، و لقد کانَ يُجاوِرُ في کُلِّ سَنةٍ بِحِراء، فَأراهُ و لا يَراهُ غيري.

و لم يَجمَعْ بيتٌ واحدٌ يومئذٍ في الإسلامِ غيرَ رسولِ اللَّه و خديجةَ و أنا ثالثُهُما، أري نورَ الوحي و الرِسالة و أشمُّ ريحَ النُبوّةِ.

و لقد سمعتُ رَنَّةَ الشَيطان حين نَزَلَ الوحيُ عليهِ، فقلتُ: يا رسولَ اللَّه، ما هذهِ الرَّنَّة؟ فقال: هذا الشيطانُ، أيِسَ مِن عِبادتِهِ، إنَّکَ تَسمعُ ما أسمعُ، و تَري ما أري، إلّا أنَّکَ لستَ بنبيٍّ و لکنّکَ لَوَزيرٌ، و إنَّکَ لَعَلي خَيرٍ».[4] .

هذه منقبة مختصّة بعلي عليه السلام، فعلي هذا حقيق ان يکون هو خليفة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بلافصل و وصيه و وارثه، کما أشار اِليه بقوله عن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله خطاباً له عليه السلام: «أنَّکَ لستَ بنبيٍّ، و لکنّکَ لَوَزيرٌ، و إنَّکَ لَعَلي خَيرٍ».

[صفحه 142]



صفحه 141، 142.





  1. الاصابة لابن حجر، ج 2، ص 507.
  2. السيرة النبوية لابن هشام، ج 1، ص 262.
  3. الکامل في التاريخ، ج 1، ص 484؛ تاريخ الطبري، ج 2، ص 57؛ السيرة النبوية، ج 1،ص 262 و غيره.
  4. شرح ابن أبي الحديد، ج 13، ص 197؛ نهج البلاغة، الخطبة190، ص 300 صبحي الصالح.