حديث علي مع الحق
روي ابن عساکر الشافعي بسنده عن أبي ثابت مولي أبي ذر، قال: دخلت علي اُمّ سلمة فرأيتها تبکي و تذکر علياً، و قالت: سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول:«عليّ مع الحقّ و الحقّ مع عليّ، و لن يفترقا حتّي يردا علي الحوض يوم القيامة».[2] . و عنه أيضاً، عن أبي ليلي الغفاري، قال: سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: «ستکون من بعدي فتنة، فإذا کان ذلک فالزموا عليّ بن أبي طالب، فإنّه أوّل من يراني، و أوّل من يصافحني يوم القيامة، و هو معي في السماء الأعلي، و هو الفاروق [صفحه 134] بين الحقّ و الباطل».[3] . و روي الترمذي بسنده عن عليّ عليه السلام- في حديث- قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «رحم اللَّه علياً، اللهمّ أدر الحقّ معه حيث دار».[4] . و في فرائد السمطين بسنده عن شهر بن حوشب، قال: کنت عند أُمّ سلمة إذ استأذن رجلٌ فقالت له: من أنت؟ قال: أنا أبوثابت مولي علي بن أبي طالب عليه السلام، فقالت أُمّ سلمة: مرحباً بک- يا أباثابت- ادخل، فدخل فرحّبت به، ثمّ قالت: يا أباثابت، أين طار قلبک حيث طارت القلوب مطائرها؟ فقال: مع عليّ عليه السلام. قالت: وفّقت و الذي نفسي بيده، لقد سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: «عليّ مع الحقّ و القرآن، و الحقّ و القرآن مع عليّ، و لن يفترقا حتّي يردا علي الحوض».[5] . و في تفسير الرازي: أما إنّ علي بن أبي طالب کان يجهر بالتسمية، فقد ثبت بالتواتر، و من اقتدي في دينه بعليّ بن أبي طالب فقد اهتدي، و الدليل عليه قوله صلي الله عليه و آله: «اللّهم أدر الحقّ مع عليّ حيث دار».[6] . فاتّضح من هذه المسانيد أنّه لا شکّ في صدور الحديث، و إنّما الکلام في وجه صدوره، و لماذا تکلّم النبيّ صلي الله عليه و آله بهذه الکلمات في حقّه عليه السلام؟ لا شک أنّ النبيّ الأکرم صلي الله عليه و آله کان يري بنور الوحي أن الفرقة و الخلاف ستقع بين المسلمين في المستقبل القريب، و سيتبع کلّ رجل جماعة خاصّة ستقف بوجه عليّ عليه السلام، و سيسلّون السيوف بوجهه، و يظهرون أنفسهم من خلال الدجل [صفحه 135] و التضليل أنّهم يمثلّون الحقّ و أنّ عليّاً علي باطل، فأراد النبيّ صلي الله عليه و آله أن يحذّر المسلمين من مغبّة هذه الأحداث، فأطلق عبارات مختلفة، منها: (عليّ مع الحقّ، و الحقّ مع عليّ) و ذلک لئلاّ يقف أصحابه و بقيّة المسلمين في مواجهة عليّ عليه السلام- أي الحقّ- و لتکون الحجّة قد تمّت عليهم بذلک، و لئلاّ يسيروا في طريق الضلال بعد هذا البيان و هم يظنّون أنّهم يسلکون سبيل الحقّ، و لئلا يظنّوا فيما بعد أنّ الحرب ضدّ عليّ عليه السلام جهاد في سبيل اللَّه، و ليعلموا أنّ عليّاً عليه السلام أحقّ النّاس بالخلافة، و ليست الخلافة إلّا له، و کلّ من يتّبع غير سبيل عليّ عليه السلام فقد ضلّ و اتّبع الباطل. و يدلّ علي ذلک ما أخرجه الجويني بسنده عن علقمة و الأسود قالا: أتينا أبا أيّوب الأنصاري، فقلنا له: يا أباأيّوب، إنّ اللَّه تعالي أکرمک بنبيّه صلي الله عليه و آله فيالک من فضيلة من اللَّه فضلّک بها، أخبرنا بمخرجک مع عليّ تقاتل أهل «لا إله إلّا اللَّه»؟!. فقال أبوأيّوب: فإنّي اُقسم لکم باللَّه، لقد کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله معي في هذا البيت الّذي أنتما فيه معي، و ما في البيت غير رسول اللَّه صلي الله عليه و آله و عليٌّ جالس عن يمينه، و أنا جالس عن يساره، و أنس قائم بين يديه،إذ حُرّک الباب، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «يا أنس، افتح لعمّار الطيّب المطيّب» ففتح أنس الباب، و دخل عمّار، فسلّم علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فرحّب به، ثمّ قال لعمّار: «إنّه سيکون في أُمّتي من بعدي هنات حتّي يختلف السيف فيما بينهم، و حتّي يقتل بعضهم بعضاً، و حتّي يبرأ بعضهم من بعض، فإذا رأيت ذلک فعليک بهذا الأصلع الّذي عن يميني- يعني عليّ بن أبي طالب عليه السلام- و خلّ عن النّاس. يا عمّار، إنّ عليّاً لا يردّک عن هدي، و لا يدلّک علي ردي. يا عمّار، طاعة [صفحه 136] عليّ طاعتي، و طاعتي طاعة اللَّه عزّوجلّ».[7] . هذا و قد ثبت بالاسانيد الصحيحة أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال لعمار بن ياسررضي الله عنه: يا عمار، تقتلک الفئة الباغية،[8] و هو يدلّ بوضوح علي أنّ الفئة التي قاتلت علياً عليه السلام کانت باغية، و أنّ علياً عليه السلام کان مع الحقّ و الحقّ معه حيثما حلّ. [صفحه 137]
إنّ أحد الأحاديث المتواترة من طريق الفريقين هو قول رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «عليّ مع الحقّ و الحقّ مع عليّ، و لن يفترقا حتّي يردا عليّ الحوض يوم القيامة».[1] .
صفحه 134، 135، 136، 137.