سند الحديث











سند الحديث



لقد اعترف أکابر علماء المسلمين و ثقات الرواة من الفريقين بصحة سند هذا الحديث، بل لم يختلج في صحّة سنده ريب، و لا سنح في خاطر أحد أن يناقش في ثبوته، حتّي أنّ الذهبي- علي تعنّته- صرّح في تلخيص المستدرک بصحّته، و ابن حجر الهيتمي- علي محاربته بصواعقه- ، نقل القول بصحّته عن أئمّة الحديث الذين لا معول فيه إلّا عليهم.

[صفحه 112]

و في الاستيعاب روي قوله صلي الله عليه و آله لعلي عليه السلام: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسي» جماعة من الصحابة، و هو من أثبت الآثار و أصحّها، ثم قال: رواه عن النبيّ صلي الله عليه و آله سعد بن أبي وقّاص، و طرق حديث سعد فيه کثيرة جدّاً، قد ذکرها ابن أبي خيثمة و غيره، و رواه ابن عبّاس، و کذا أبو سعيد الخدري، و اُمّ سلمة، و أسماء بنت عميس، و جابر بن عبداللَّه الأنصاري، و جماعة يطول ذکرهم.[1] .

و لولا أنّ الحديث بمثابة من الثبوت ما أخرجه البخاري في کتابه، و لولا ثبوته لما اعترف معاوية الّذي کان إمام الفئة الباغية، الذي ناصب أميرالمؤمنين عليه السلام و حاربه و لعنه علي منابر المسلمين، و أمرهم بلعنه، لکنّه- بالرغم من وقاحته في عداوته- لم يجحد حديث المنزلة، و لا کابر فيه سعد بن أبي وقاص حين قال له: ما منعک أن تسبّ أبا تراب؟

فقال: أمّا ما ذکرت ثلاثاً قالهنّ له النبيّ صلي الله عليه و آله فلن أسبّه، لأن تکون لي واحدة منهنّ أحبّ إليَّ من حُمر النعم: سمعت رسول اللَّه يقول له و قد خلّفه في بعض مغازيه، فقال له علّي: «يا رسول اللَّه، خلّفتني مع النساء و الصبيان؟». فقال له النبيّ: «أما ترضي أن تکون منّي بمنزلة هارون من موسي إلّا أنّه لا نبوّة بعدي». فأبلس معاوية و کّف عن تکليف سعد.[2] .

و أزيدک علي هذا کلّه أنّ معاوية نفسه حدّث بحديث المنزلة:

قال ابن حجر في صواعقه: أخرج أحمد، أنّ رجلاً سأل معاوية عن مسألة. فقال سل عنها عليّاً، فهو أعلم. قال: جوابک فيها أحبّ إلّي من جواب عليّ، قال: بئس ما قلت: لقد کرهت رجلاً کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يغرّه بالعلم غرّاً، و لقد قال له:

[صفحه 113]

«أنت منّي بمنزبة هارون من موسي إلّا أنّه لا نبيّ بعدي» الحديث.[3] .

و بالجملة فإنّ سند حديث المنزلة مما لاريب في ثبوته بإجماع المسلمين علي اختلافهم في المذاهب و المشارب، حتّي أخرجه صاحب الجمع بين الصّحيحين من صحيح البخاري و صحيح مسلم، و سنن ابن ماجة، و مستدرک الحاکم، و أحمد بن حنبل في مسنده و غيرهم، حتّي انتهت طرق العامّة إلي مائة حديث، و الخاصة إلي سبعين حديثاً، و رواه في أکثر من 105 کتب أعاظم محدثي العامة، و هو من الأحاديث المسلّمة في کلّ خلف من هذه الاُمّة.



صفحه 112، 113.





  1. الاستيعاب لابن عبد البر المالکي بهامش الإصابة، ج 3، ص 34.
  2. صحيح مسلم، ج 7، ص 120؛ الفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالکي ص 126.
  3. الصواعق المقصد الخامس من الباب 11، ص 107. کما في المناقب لابن المغازلي، ص 34.