سورة هل أتي (الدهر)
فقد روي الزمخشري في تفسيره عن ابن عباس: أنّ الحسن و الحسين عليهماالسلام مرضا فعادهما رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في ناس معه، فقالوا: يا أبا الحسن، لو نذرت علي و لديک؟ فنذر علي و فاطمة و فضّة- جارية لهما- إن برئا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام، فشفيا و ما معهم شي ءٌ، فاستقرض عليّ عليه السلام من شمعون الخيبري ثلاثة أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعاً، و اختبزت خمسة أقراص علي عددهم، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم سائل فقال: السلام عليکم أهل بيت محمد، مسکين من مساکين المسلمين، أطعموني أطعمکم اللَّه من موائد الجنة، فآثروه و باتوا لم يذوقوا إلّا الماء، و أصبحوا صياماً، فلمّا أمسوا و وضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه، و وقف عليهم أسيرٌ في الثالثة، ففعلوا مثل ذلک. [صفحه 96] فلما أصبحوا أخذ علي عليه السلام بيد الحسن و الحسين، و أقبلوا إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فلما أبصرهم و هم يرتعشون کالفراخ من شدّة الجوع، قال: «ما أشدّ ما يَسوؤني ما أري بکم» و قام فانطلق معهم، فرأي فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها، و غارت عيناها فساءه ذلک، فنزل جبرئيل و قال: خذها يا محمد، هنّأک اللَّه في أهلّ بيتک، فأقرأه السورة يعني « هل أتي عليَ الاِنسانِ حينٌ مِن الدَّهر لم يَکُن شيئاً مذکوراً - إنّا خَلقنا الانسانَ من نطفةٍ أمشاجٍ نَبتَليه فجعلناهُ سميعاً بصيراً» السورة.[1] . [صفحه 97]
توافق أغلب المفسرين علي أنّ الآيات من سورة الدهر: «إنّ الأبرار يشربون» إلي قوله تعالي: «و کان سعيکم مشکوراً» نزلت في علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام و جارية لهم تُسمّي فضّة، و ذلک في قصّة التصدّق علي المسکين و اليتيم و الأسير. و هو المروي عن ابن عباس و مجاهد و أبي صالح و غيرهم، و ذکرها أغلب أهل التفسير و الحديث.
صفحه 96، 97.