آية الولاية
قال الآلوسي في (روح المعاني)- ذيل الآية- و غالب الأخباريين علي أنها نزلت في علي (کرم اللَّه وجهه)، فقد أخرج الحاکم و ابن مردويه و غيرهما عن ابن عباس رضي الله عنه باسنادٍ متصلٍ، قال: أقبل ابن سلام و نفر من قومه آمنوا بالنبي صلي الله عليه و آله فقالوا: يا رسول اللَّه، إنّ منازلنا بعيدة، و ليس لنا مجلس و لا متحدث دون هذا المجلس، و إن قومنا لما رأونا آمنا باللَّه تعالي و رسوله صلي الله عليه و آله و صدقناه رفضونا، و آلوا علي أنفسهم أن لا يجالسونا و لا يناکحونا و لا يکلّمونا، فشقّ ذلک علينا. فقال لهم النبي صلي الله عليه و آله «إنّما وليُّکم اللَّه و رسولُه» ثم إنه صلي الله عليه و آله خرج إلي المسجد، [صفحه 89] و الناس بين قائم و راکع، فبصر بسائل، فقال: هل أعطاک أحدٌ شيئاً؟ فقال: نعم، خاتم من فضّة. فقال: من أعطاکه؟ فقال: ذلک القائم؛ و أومأ إلي علي (کرم اللَّه تعالي وجهه)، فقال النبي صلي الله عليه و آله: علي أيّ حالٍ أعطاک؟ فقال: و هو راکع، فکبّر النبي صلي الله عليه و آله ثم تلاهذه الآية، فأنشأ حسان بن ثابت: أبا حسن تفديک نفسي و مهجتي فأنت الذي أعطيت إذ کنت راکعاً فأُنزل فيک اللَّه خيرُ ولاية و قد روي الرازي في تفسيره، و الحاکم في الشواهد، و أحمد في الفضائل، و سبط ابن الجوزي في التذکرة، عن أبي ذر أنه قال: سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بهاتين و إلّا صُمّتا، و رأيته بهاتين و إلّا عميتا، يقول: «عليّ قائد البررة، و قاتل الکفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله». أما إنّي صليت مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ذات يوم، فسأل سائل في المسجد، فلم يعطه أحد شيئاً، و کان عليٌّ راکعاً، فأومأ بخنصره إليه- و کان يتختّم بها- فأقبل السائل حتي أخذ الخاتم من خنصره. فتضرّع النبي صلي الله عليه و آله إلي اللَّه عزوجل يدعوه، فقال: «اللهمّ إن أخي موسي سألک فقال: (رَبِّ اشرح لي صدري، و يسّرلي أمري، و احلل عقدةً مِن لساني، يَفقهوا قولي، و اجعل لي وزيراً من أهلي، هارون أخي، أشدد به أزري، و أشرکه في أمري، کي نُسبَّحک کثيراً، و نَذکُرَک کثيراً، إنک کنتَ بِنا بصيراً) فأوحيتَ إليه «قد أوتيت سؤلک يا موسي»[3] اللهمّ و إني عبدک و نبيک، فاشرح لي صدري، و يسّر لي أمري، و اجعل لي وزيراً من أهلي، علياً أخي اشدد به ظهري». [صفحه 90] قال أبوذر: فواللَّه ما استتمّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله الکلمة حتي هبط عليه الأمين جبرئيل بهذه الآية «انما وليکم اللَّه و رسوله و الذين آمنوا...».[4] . و ممن روي نزول آية الولاية في علي بن أبي طالب عليه السلام الشوکاني في (فتح القدير) ذيل الآية 55 من المائدة، و قال: أخرج الخطيب في المتفق و المفترق عن ابن عباس نزولها في علي، و أخرج عبدالرزاق و عبد بن حميد و ابن جرير و أبو الشيخ و ابن مردويه عن ابن عباس، قال: نزلت في علي بن أبي طالب، و أخرج أبوالشيخ و ابن مردويه و ابن عساکر عن علي بن أبي طالب نحوه، و أخرج ابن مردويه عن عمار نحوه أيضاً.[5] . و منهم أيضاً أبوالسعود و الواحدي و السيوطي و الزمخشري و البغوي و الجزري[6] و سائر أصحاب المناقب و التفاسير.
المراد بآية الولاية قوله تعالي: «إنّما وليّکم اللَّه و رسولُه و الَّذينَ آمَنوا الذينَ يُقيمونَ الصلاةَ و يُؤتونَ الزکاةَ و هُمَ رَاکِعون»،[1] و لقد أجمع غالبية أهل التفسير و الحديث علي أنَّ هذه الآية نزلت في شأن علي بن أبي طالب عليه السلام حين تصدّق بخاتمه و هو راکع، و هي تدلّ بصريح العبارة علي ولاية الأمر التي هي الامامة بعد الرسول صلي الله عليه و آله.
و کل بطي ءٍ في الهدي و مسارعِ
زکاةً فدتک النفسُ ياخير راکعِ
و أثبتها أثنا کتاب الشرائعِ[2] .
صفحه 89، 90.