آية المودّة











آية المودّة



عند ما استقر النظام الاسلامي في المدينة، جاء جمع من الأنصار إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله و قالوا: يا رسول اللَّه، لقد آويناکم و نصرناکم، و نحن نضع أموالنا بين أيديکم، و الذي يبدو من ظاهر کلامهم أنّهم إنّما کانوا يريدون إعلاء دين اللَّه و اعانة الرسول صلي الله عليه و آله، و ربما کانوا يقصدون تعويض الرسول صلي الله عليه و آله عن أتعابه و ما تحمّل من المشقّة في سبيل دين اللَّه تعالي، لذلک نزلت هذه الآية جواباً لهم: «قل لا أَسئَلَکُم عليهِ أجراً إلّا المَودّة في القُربي»[1] فجعل اللَّه عزوجل مودّة أهل البيت عليهم السلام الأجر الوحيد علي هذه الرسالة السمحاء، و أهل البيت هم علي و فاطمة و ابناهما.

قال الزمخشري: روي أنها لما نزلت قيل: يا رسول اللَّه، من هم قرابتک الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال صلي الله عليه و آله: علي و فاطمة و ابناهما.[2] .

و رواه عنه الرازي، و أضاف: فثبت أنّ هؤلاء الأربعة أقارب النبيّ صلي الله عليه و آله، و إذا ثبت هذا، وجب أن يکونوا مخصوصين بمزيدٍ من التعظيم، و يدلّ عليه وجوه:

[صفحه 87]

الأول: قوله تعالي (الا المودة في القربي).

الثاني: لاشکّ أن النبي صلي الله عليه و آله يُحبّ فاطمة عليهاالسلام، قال صلي الله عليه و آله: «فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما يؤذيها» و ثبت بالنقل المتواتر عن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أنّه کان يحب علياً و الحسن و الحسين، و إذا ثبت ذلک وجب علي کلّ الاُمّة مثله، لقوله تعالي: «و اتَّبعوه لَعلَّکم تَهتدون»[3] و لقوله تعالي: «فَلْيَحذَرِ الذينَ يُخالِفون عن أَمْرِه».[4] .

الثالث: أنَّ الدعاء للآل منصب عظيم، و لذلک جُعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة، و هو قوله «اللهمّ صلّ علي محمدٍ و علي آل محمد» و هذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل، فکل ذلک يدل علي أن حُبَّ محمدٍ و آل محمدٍ واجب.[5] .

و لا شکّ عندنا نحن الامامية أنّ مودّة أهل البيت هي المودّة في الدين، و هي أجر الرسالة المقصودة في القرآن الکريم، و ليست هذه المودّة هي مجرد محبّة عادية کالّتي بين الأصدقاء، بل هي تتناسب مع أجر الرسالة السمحاء، إذ تتطلب الإيمان بإمامة المعصومين عليهم السلام و الاعتقاد بهم، و أنّ مودّتهم هي وسيلة لترسيخ مبادي ء الرسالة، و في الحقيقة لم تکن المودّة هنا غير الدعوة الدينيّة من حيث بقائها و دوامها.

[صفحه 88]



صفحه 87، 88.





  1. الشوري، 23.
  2. الکشاف، ج 4، ص 219. و انظر: المناقب لابن المغازلي الشافعي، ص 307، ح 352؛ تفسير القرآن لمحيي الدين بن عربي، ج 2، ص 432؛ تفسير الدر المنثور، ج 6، ص 7.
  3. الأعراف، 158.
  4. النور، 63.
  5. تفسير الرازي ج 27، ص 166.