خطبة الحسن بعد شهادة أميرالمؤمنين











خطبة الحسن بعد شهادة أميرالمؤمنين



روي ابن عساکر عن عمرو بن حُبشيّ، قال: خطبنا الحسن بن عليّ عليه السلام بعد قتل عليّ عليه السلام، فقال: «لقد فارقکُم رجلٌ بالأمس ما سبقه الأوّلون بعلم، و لا أدرکه الآخرون، إن کان (رسول اللَّه صلي الله عليه و آله) ليبعثه و يعطيه الراية فلا ينصرف حتّي يفتح له، ما ترک من صفراء و لا بيضاء إلّا سبعمائة درهم، فضلت من عطائه، کان يرصدها لخادم لأهله».[1] .

[صفحه 505]

و عنه أيضاً: عن هبيرة بن يريم مثله، إلّا أنّه قال: «و إنّ جبرئيل عن يمينه و ميکائيل عن شماله، ما ترک صفراء و لا بيضاء إلّا سبعمائة درهم فضلت من عطائه، أراد أن يشتري بها خادماً».[2] .

قال ابن عبد البرّ في (الاستيعاب): إنّه ثبت عن الحسن بن عليّ عليه السلام من وجوه، أنّه عليه السلام قال: «لم يترک أبي إلّا ثمانمائة درهم- أو سبعمائة درهم- فضلت من عطائه، کان يعدّها لخادم يشتريه لأهله».[3] .

و قال المسعودي في (تاريخه): قال الحسن عليه السلام: «و اللَّه لقد قبض فيکم الليلة رجل ما سبقه الأوّلون إلّا بفضل النبوّة، و لا يدرکه الآخرون، و إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله کان يبعثه المبعث فيکتنفه جبرئيل عن يمينه، و ميکائيل عن يساره، فلا يرجع حتّي يفتح اللَّه عليه».[4] .

ثمّ قال المسعودي: و لم يترک صفراء و لا بيضاء إلّا سبعمائة درهم بقيت من عطائه، أراد أن يشتري بها خادماً لأهله.

و قال بعضهم: ترک لأهله مائتين و خمسين درهماً و مصحفه و سيفه.[5] .

و روي أبوالفرج الأصفهاني في (المقاتل)، قال: خطب الحسن بن عليّ بعد وفاة أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام، فقال: «لقد قبض في هذه الليلة رجلٌ لم يسبقه الأوّلون بعمل، و لا يدرکه الآخرون بعمل، و لقد کان يجاهد مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فيقيه بنفسه، و لقد کان يوجّهه برايته، فيکتنفه جبرئيل عن يمينه، و ميکائيل عن يساره، فلا يرجع حتّي يفتح اللَّه عليه، و لقد توفّي في هذه الليلة الّتي عرج فيها بعيسي بن مريم، و لقد

[صفحه 506]

توفّي فيها يوشع بن نون وصيّ موسي، و ما خلّف صفراء و لا بيضاء إلّا سبعمائة درهم بقيت من عطائه، أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله» ثمّ خنقته العبرة فبکي،و بکي النّاس معه، ثمّ قال: «أيّها النّاس، من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا الحسن بن محمّد صلي الله عليه و آله، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن الداعي إلي اللَّه عزّوجلّ بإذنه، و أنا ابن السراج المنير، و أنا من أهل البيت الّذين أذهب اللَّه عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيراً، و الّذين افترض اللَّه مودّتهم في کتابه إذ يقول: « وَ مَنْ يَقترِف حسنةً نَزِدْ لَهُ فيها حسناً » فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت».[6] .

قال أبومخنف عن رجاله: ثم قام ابن عباس بين يديه، فدعا الناس إلي بيعته فاستجابوا له و قالوا: ما أحبّه إلينا و أحقّه بالخلافة فبايعوه، ثم نزل عن المنبر.

[صفحه 507]



صفحه 505، 506، 507.





  1. ترجمة الامام عليّ من تاريخ دمشق، ج 3، ص 330، رقم 1474.
  2. المصدر السابق، ص 331، رقم 1475.
  3. الاستيعاب لابن عبدالبرّ المالکي بهامش الإصابة، ج 3، ص 48.
  4. مروج الذهب، ج 2، ص 426.
  5. المصدر السابق.
  6. مقاتل الطالبيين، ص 32.