آخر وصيّته











آخر وصيّته



فيما يلي آخر وصية کتبها أميرالمؤمنين عليه السلام قبل شهادته، و قد ذکرها أبوالفرج الأصفهاني في (مقاتل الطالبيين) و کذا الطبري في (تأريخه) وثقة الإِسلام الکليني رحمه الله في (الکافي) مع اختلاف يسير في بعض ألفاظها، و نحن نذکر عين ما رواه أبوالفرج في (مقاتل الطالبيين):

«بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم: هذا ما أوصي به أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب، أوصي بأنّه يشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحَدهُ لا شريک لَه، و أنّ محمّداً عبدهُ و رسولُه،

[صفحه 501]

أرسلَه بالهُدي و دين الحقّ لِيظهره علي الدّين کلِّه و لو کره المشرکون، صلوات اللَّه و برکاته عليه، إنّ صلاتي و نُسکي و محياي و مماتي للَّه ربّ العالمين لا شريک له، و بذلک اُمرتُ و أنا أوّل المسلمين.

اُوصيک يا حسن، و جميع وُلدي و أهل بيتي، و من بلغه کتابي هذا، بتقوي اللَّه ربّنا و لا تموتنّ إلّا و أنتم مسلمون، و اعتصموا بحبل اللَّه جميعاً و لا تَفرّقوا، فإنّي سمعتُ رسولَ اللَّه يقول: إصلاحُ ذاتِ البين أفضل من عامّة الصّلاة و الصّيام، و إنّ المبيدة الحالقة للدّين فساد ذات البين، و لا حول و لا قوّةَ إلّا باللَّه العليّ العظيم ، اُنظروا إلي ذوي أرحامکم فصلوهم يهوّن اللَّه عليکم الحساب.

اللَّه اللَّه في الأيتام، فلا تغبّوا أفواههم بجفوتکم.

و اللَّه اللَّه في جيرانکم، فإنّها وصيّة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فما زال يوصينا بهم حتّي ظننّا أنّه سيورثهم.

و اللَّه اللَّه في القرآن، فلا يسبقنّکم إلي العمل به غيرکم.

و اللَّه اللَّه في الصلاة، فإنّها عماد دينکم.

و اللَّه اللَّه في بيت ربّکم فلا يَخلُونَّ منکم ما بقيتم، فإنّه إن ترک لم تناظروا،و إنّه إن خلا منکم لم تنظروا.

و اللَّه اللَّه في صيام شهر رمضان، فإنّه جُنّة من النّار.

و اللَّه اللَّه في الجهاد في سبيل اللَّه بأموالکم و أنفسکم.

و اللَّه اللَّه في زکاة أموالکم، فإنّها تطفي ء غضب ربّکم.

و اللَّه اللَّه في اُمّة نبيّکم، فلا يظلمنّ بين أظهرکم.

و اللَّه اللَّه في أصحاب نبيّکم، فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أوصي بهم.

و اللَّه اللَّه في الفقراء و المساکين، فأشرکوهم في معائشکم.

و اللَّه اللَّه في ما ملکت أيمانکم، فإنّها کانت آخر وصيّة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إذ قال:

[صفحه 502]

وصيکم بالضعيفين فيما ملکت أيمانکم».

ثمّ قال: «الصّلاة الصّلاة، لاتخافوا في اللَّه لومة لائم، فإنّه يکفيکم من بغي عليکم و أرادکم بسوء، قولوا للنّاس حُسناً کما أمرکم اللَّه، و لا تَترکوا الأمر بالمعروف و النهيّ عن المنکر، فيولّي الأمر عنکم و تدعون فلا يُستجاب لکم [1] ، عليکم بالتواضع و التباذل و التبارُّ، و إيّاکم و التقاطع و التفرّق و التدابر « وَ تَعَاوَنُوا علي البرِّ وَ التقوي وَ لا تَعاوَنوا عَلي الإثم وَ العُدوانِ و اتَّقوا اللَّه إنّ اللَّه شَدِيدُ العِقاب ».[2] .

حفظکم اللَّه من أهل بيت و حفظ فيکم نبيّه، استودعکم اللَّه خير مستودع، و أقرأ عليکم سلام اللَّه و رحمته».[3] .



صفحه 501، 502.





  1. في تاريخ الطبري «فيولّي الأمر شرارکم ثمّ تدعون فلا يستجاب لکم».
  2. المائدة، 2.
  3. مقاتل الطالبيين، ص 24؛ تاريخ الطبري،ج 4، ص 113؛ شرح ابن أبي الحديد، ج 6، ص 120.