سبب منع عمر بن عبدالعزيز عن سبّ عليّ











سبب منع عمر بن عبدالعزيز عن سبّ عليّ



قال الشارح المعتزلي: فأمّا عمر بن عبدالعزيز فإنّه قال: کنتُ غلاماً أقرأ القرآن علي بعض وُلد عُتبة بن مسعود، فمرّ بي يوماً و أنا ألعب مع الصبيان، و نحن نلعن عليّاً، فکره ذلک و دخل المسجد، فترکتُ الصبيان و جئتُ إليه لأدرس عليه وردي، فلمّا رآني قام فصلّي و أطال في الصلاة- شبه المُعرض عنّي- حتّي أحسستُ منه بذلک، فلمّا انفتَل مِن صلاته کلَح في وجهي فقلتُ له: ما بالُ الشيخ؟ فقال لي: يا بُنيّ، أنتَ اللاعن عَليّاً منذ اليوم؟! قلتُ: نعم.

قال: فمتي علمتَ أنّ اللَّه سخط عَلي أهل بدر بعد أن رَضي عنهم؟ فقلتُ: يا أبتِ، و هل کان عليّ عليه السلام من أهل بدر؟

فقال: و يحک! و هل کانت بدر کلّها إلّا له.فقلتُ لا أعود.

فقال: و اللَّه إنّک لا تعود! قلتُ: نعم، فلم ألعنه بعدها. ثمّ کنتُ أحضر تحت منبر المدينة و أبي يخطب يوم الجمعة، و هو حينئذ أمير المدينة، فکنتُ أسمع أبي يمرُّ في خُطبه تهدر شقاشقه، حتّي يأتي إلي لعن عليّ عليه السلام فيجمجم، و يَعرض له

[صفحه 490]

من الفهاهة و الحصر ما اللَّه عالم به، فکنتُ أعجب من ذلک، فقلتُ له يوماً: يا أبتِ، أنت أفصَحُ النّاس و أخطبُهم، فما بالي أراک أفصحَ خطيب يوم حفلک، حتّي إذا مررتَ بلعن هذا الرّجل، صِرتَ ألکن عَيياً؟!

فقال: يا بُنيّ، إنّ مَن تَري تحت منبرنا من أهل الشام و غيرهم، لو علموا من فضل هذا الرّجل ما يعلمه أبوک لم يتبعنا منهم أحد، فوقرت کلمتُه في صَدري، مع ما کان قاله لي معلّمي أيّام صِغري، فأعطيتُ اللَّه عهداً، لئن کان لي في هذا الأمر نصيب لاُغيّرنّه، فلمّا مَنَّ اللَّه عَليَّ بالخلافة أسقطتُ ذلک و جعَلتُ مکانَه «إنَّ اللَّه يأمرُ بالعَدلِ و الإِحسان و إيتاء ذي القُربي و يَنهي عَن الفَحشاء و المُنکرِ و البَغي يَعِظُکُمْ لَعلّکُمْ تَذَکّرون»[1] و کتبتُ به إلي الآفاق فصار سنّة.[2] .



صفحه 490.





  1. النحل، 90.
  2. شرح ابن أبي الحديد، ج 4، ص 58.