خطبة الإمام عليّ بعد التحکيم
«ألحمدُ للَّه، و إن أتي الدَّهر بالخطبِ الفادِح، و الحَدثِ الجليل، و أشهدُ أنْ لا إله إلّا اللَّه وحَدهُ لا شَرِيک لَهُ، لَيْس مَعَهُ إلهٌ غيرهُ، و أنّ محمّداً عبدُهُ وَ رَسوله. أمّا بعد: فإنَّ مَعصيةَ النّاصِح الشَفيق العالِم الُمجرب تُورثُ الحَيرةَ و تُعقِبُ الندامة، و قد کنتُ أمَرْتُکم في هذهِ الحُکومة أمري، و نَخلتُ لَکُم مَخزُونَ رأيي، لَو کان يُطاعُ لقصير أمر، فَأبَيتُم عَليَّ إباء الُمخالفين الجُفاةِ، و المُنابِذينَ العُصاةِ حتّي ارتابَ [صفحه 482] الناصِحُ بنُصحه، و ضَنَّ الزَّند بِقدْحِهِ، فَکُنتُ أنا و إيّاکُم کما قالَ أخو هَوازِن: أمرتُکُم أمري بمُنعَرجِ اللّوي و هذه الألفاظ من خطبة خطبها عليه السلام بعد خديعة ابن العاص لأبي موسي و افتراقهما، لکاشفة عن مظلوميّته في هذه الواقعة المؤلمة.
روي أنّ عمرو بن العاص و أبا موسي الأشعري لمّا التقيا بدومة الجندل و قد حکما في أمر النّاس، کان أميرالمؤمنين عليه السلام يومئذٍ قد دخل الکوفة ينتظر ما يحکمان به، فلما تمّت خدعة عمرو لأبي موسي، و بلغه عليه السلام ذلک، اغتمّ له غمّا شديداً و وجم منه، و قام فخطب النّاس، فقال:
فلم تَسْتَبينُوا النُصْحَ إلّا ضُحي الغد»[1] .
صفحه 482.