قصة التحكيم و ظهور أمر الخوارج











قصة التحکيم و ظهور أمر الخوارج



و من أمرّ المظلوميّة أن يقف أعوان المرء في وجهه و هو علي أعتاب الانتصار علي العدوّ، و کان هذا ما واجهه عليّ عليه السلام، فلمّا أن أشرف علي النّصر يوم صفّين أحدث معاوية خديعته برفع المصاحف، فوقف أصحاب الإمام عليّ عليه السلام يعارضون أميرهم.

قال الشارح المعتزلي: إنّ الّذي دعا إليه طلب أهل الشام له و اعتصامهم به من سيوف أهل العراق، فقد کانت أمارات القهر و الغلبة لاحت، و دلائل النّصر و الظفر وضحت، فعدل أهل الشام عن القِراع إلي الخداع، و کان ذلک برأي عمرو بن العاص، و هذه الحال وقعت عقيب ليلة الهرير[1] ، و هي الليلة العظيمة الّتي يُضرب بها المَثل.[2] .

قال ابن أبي الحديد في موضع آخر من شرحه علي نهج البلاغة: لما بلغ معاوية أمارات القهر و الغلبة لجيش علي عليه السلام، فدعا عمرو بن العاص و قال: يا عمرو، إنّما هي الليلة حتّي يغدُوَ عليّ علينا بالفيصَل، فما تري؟

قال: إنّ رجالک لا يقومون لرجاله، و لستَ مِثله، هو يقاتلک علي أمر و أنت تقاتِله علي غيره، أنت تريد البقاء، و هو يريد الفناء، و أهل العراق يخافون منک إن ظفرت بهم، و أهل الشام لا يخافون عليّاً إن ظفر بهم، و لکن ألقِ إلي القوم أمراً إن قَبلوه أختلفُوا، و إن ردّوه اختلفوا، اُدعهُم إلي کتاب اللَّه حَکمَاً فيما بينک و بينهم، فإنّک بالغٌ به حاجتک في القوم، و إنّي لم أزل أؤخّر هذا الأمر لوقت حاجتک إليه. فعرف معاوية ذلک، و قال له: صدقت.[3] .

[صفحه 476]



صفحه 476.





  1. من هرير الفرسان بعضهم علي بعض کما تهر السباع، و هو صوت دون النباح.
  2. شرح ابن أبي الحديد، ج 2، ص 206.
  3. المصدر السابق، ج 2، ص 210.