فتح مكة











فتح مکة



کان فتح مکة في شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة، و سبب ذلک أنّ قريشاً نقضت عهدها في الحديبية مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، حيث کانت خزاعة في عقد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، و کنانة في عقد قريش، فأعانت قريش کنانة، فأرسلوا مواليهم، فوثبوا علي خزاعه فقتلوا فيهم، فجاءت خزاعة إلي رسول اللَّه، فشکوا إليه ذلک، فأحلّ اللَّه لنبيّه صلي الله عليه و آله قطع المدة التي بينه و بينهم، و عزم علي غزو مکة، و أمر صلي الله عليه و آله بأن يخفي الأمر علي قريش.

و خرج رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يوم الجمعة حين صلي العصر لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة ثمان، و قيل: لعشر مضين من رمضان، و استخلف علي المدينه أبا رُهم وقيل: ابن أُمّ مکتوم، وکان صلي الله عليه و آله في عشرة آلاف، و قيل: في اثني عشر ألفاً، و تلقّاه العباس في بعض الطريق، فلما صار بمرّ الظهران خرج أبوسفيان يتجسّس الأخبار و معه حکيم بن حزام وبُديل بن ورقاء، و هو يقول لحکيم: ما هذه النيران؟ فقال: خزاعة، أحمشتها الحرب، فقال: خزاعة أقلّ و أذل، و سمع صوته العباس فناداه: يا أبا حنظلة؟ فأجابه، فقال له: يا أبا الفضل، ما هذا الجمع؟ قال: هذا رسول اللَّه، فأردفه علي بغلته، و جاء عند رسول اللَّه صلي الله عليه و آله و أسلم، ثمّ سأل العباس

[صفحه 66]

رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أن يجعل له شرفاً، وقال: إنّه يحبّ الشرف. فقال صلي الله عليه و آله: «من دخل دارک يا أباسفيان فهو آمن».

و أوقفه العباس حتي رأي جند اللَّه، فقال له: يا أبا الفضل، لقد اُوتي ابن أخيک ملکاً عظيماً، فقال: إنه ليس بملک إنّما هي النبوّة، و مضي أبوسفيان مسرعاً حتي دخل مکة، فأخبرهم الخبر و قال: من دخل داري فهو آمن، و من أغلق بابه فهو آمن، و من دخل المسجد فهو آمن، و فتح اللَّه علي نبيّه، و کفاه القتال.[1] .



صفحه 66.





  1. انظر: تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 58 الي 59؛ السيرة النبوية لابن هشام، ج 4، ص 38 وغيرهما.