المنافقون يصبّون ما أضمروه من الضغائن أيّام النبيّ علي...











المنافقون يصبّون ما أضمروه من الضغائن أيّام النبيّ علي عليّ



قال ابن أبي الحديد: و اعلم أنّ کلّ دم أراقه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بسيف عليّ عليه السلام و بسيف غيره، فإنّ العرب بعد وفاته عصبت تلک الدماء بعليّ بن أبي طالب عليه السلام وحده، لأنّه لم يکن في رهطه من يستحقّ في شرعهم و سنّتهم و عادتهم أن تعصب به تلک الدماء إلّا بعليّ وحده، وهذه عادة العرب إذا قُتل منها قتلي طالبت بتلک الدماء القاتل، فإن مات أو تعذّر عليها مطالبته، طالبت بها أمثل النّاس من أهله.

إلي أن قال: سألت النقيب أبا جعفر يحيي بن أبي زيد فقلت له: إنّي لأعجبُ من عليّ عليه السلام کيف بقي تلک المدّة الطويلة بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله و کيف ما اغتيل و فتک به في جوف منزله، مع تلظّي الأکباد عليه؟!

فقال: لو لا أنّه أرغم أنفه بالتّراب، و وضع خدّه في حضيض الأرض لقتل، و لکنّه أخمل نفسه و اشتغل بالعبادة و الصلاة و النظر في القرآن، و خرج عن ذلک الزّيّ الأوّل، و ذلک الشعار، و نسي السيف، و صار کالفاتک يتوب و يصير سائحاً في الأرض، أو راهباً في الجبال، و لمّا أطاع القوم الذّين ولّوا الأمر ترکوه و سکتوا عنه، و لم تکن العرب لتقدم عليه إلّا بمواطأةٍ من متولّي الأمر، و باطنٍ في السرّ منه، فلمّا لم يکن لِوُلاة الأمر باعث وداعٍ إلي قتله وَقع الإمساک عنه، و لو لا ذلک لقُتل، ثمّ أجّل بعد معقل حصين.[1] .

[صفحه 464]



صفحه 464.





  1. شرح ابن أبي الحديد،ج 13، ص 300.