سيرته مع القضاة











سيرته مع القضاة



نذکر فيما يلي نبذة من مخالفات القضاة و موقف عليّ عليه السلام تجاههم حتّي يعرف القرّاء الکرام أنّ علمه عليه السلام کقوله سواء.

في (شرح ابن أبي الحديد) و في (فرائد السمطين) عن عبداللَّه بن عمر، قال: استعدي رجل علي عليّ بن أبي طالب عليه السلام عمر بن الخطّاب، و عليٌ جالس، فالتفت عمر إليه، فقال: قم يا أبا الحسن، فاجلس مع خصمک، فقام فجلس معه و تناظرا، ثمّ انصرف الرجل و رجع عليّ عليه السلام إلي محلّه فتبيّن عمر التغيّر في وجهه، فقال: يا أبا الحسن، مالي أراک متغيّراً، أکرهتَ ما کان؟ قال عليه السلام:«نعم». قال عمر: و ما ذاک. قال عليه السلام: «کنّيتني بحضرة خصمي، هلاّ قلت: قم يا عليّ، فاجلس مع خصمک» فاعتنق عمر عليّاً و جعل يقبّل وجهه، و قال: بأبي أنتم! بکم هدانا اللَّه، و بکم أخرجنا من الظلمة إلي النور.[1] .

[صفحه 442]

و قال ابن الإخوة: يحکي أن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ولّي أبا الأسود الدؤلي القضاء ساعة من نهار ثمَّ عزله. فقال له: لِمَ عزلتني فَو اللَّه ما خُنتُ و لا خوّنتُ؟.

قال عليه السلام: «بلغني أنّ کلامک يعلو کلام الخصمين إذا تحاکما إليک».[2] .

فعلي الولاة و رؤساء القضاء في الحکومات الإسلامية الاقتداء بهَدْي إمامهم عليّ عليه السلام و السير بسيرته، و أن يراقبوا جهاز القضاء مراقبة دقيقة، و يتحرّوا عن القائمين عليه، کي لا يتعسّفوا في الحکم علي المتخاصمين و لا يرهبوا المراجعين أو يعنّفوهم، و إذا علموا بتخلّف موظّفيهم، و بّخوهم أو عزلوهم لکي تحافظ الحکومة علي مسير الحقّ و العدل.

حکي الشعبي، قال: اشتري شريح القاضي داراً بثمانين ديناراً، فبلغ ذلک علياًعليه السلام، فاستدعاه، فقال له: «يابن الحارث، بلغني أنک اشتريت داراً بکذا و کذا، و أشهدت علي نفسک شهوداً، و کتبت کتاباً؟»

فقال: قد کان ذلک يا أميرالمؤمنين، فنظر إليه نظر المغضب، ثمّ قال: «يا شريح،إنه سيأتيک من لا ينظر في کتابک حتي يخرجک منها شاخصاً، و يسلمک إلي قرارک خالصاً، فاحذر أن تکون ابتعت هذه الدار من غير مالک، أو نقدت الثمن من غير حلالک، فاذن خسرت الدنيا و الآخرة. ..».[3] .



صفحه 442.





  1. شرح ابن أبي الحديد، ج 17، ص 65، و في فرائد السمطين، ج 1، ص 348، ح 273 مع تفاوت في لفظه.
  2. معالم القربة في أحکام الحسبة، ص 203؛ نقلاً عن الإحقاق، ج 8، ص 548.
  3. تذکرة الخواص، ص 149.