واجب رئيس القضاء تجاه القضاة في عهده











واجب رئيس القضاء تجاه القضاة في عهده



ليس من وجهة نظر أميرالمؤمنين عليه السلام أن يُترک القاضي بمجرّد تعيينه و حسب، و أن لا يخضع للمراقبة و الفحص و الاختبار من قبل رئيس القضاء أو رئيس الدولة، و في عهده عليه السلام إلي مالک الأشتررحمهم الله أوصاه بالقضاة من جانبين:

الأول: مراقبة القاضي من حيث الأحکام الصادرة.

الثاني: متابعة الوضع المادّي و المعنوي للقاضي، يقول عليه السلام استمراراً لنفس العهد:

1- «ثمّ أَکْثِرْ تَعَاهُد قَضَائِه».

أي تتبّعه بالاستکشاف و التعرّف، فإنّک يا مالک بعد أن عيّنت القاضي، عليک أن تراقبه و تتابعه و تناقش قضاياه الّتي حکم بها؛ لأنّ القاضي قد يخطأ، فرئيس القضاء يجب أن يناقش القضيّة، و إن اکتشف أدني خلاف فيها عليه إعادتها إلي القاضي ليستأنف الحکم.

2- «وَ افْسح لَهُ في الْبَذْلِ مَا يُزِيلُ عِلَّتَهُ».

أي أوسع له في العطاء بما يکفيه، و يسدّ حاجاته، و حاجات و متطلبات بيته و عائلته، کي لا يکون ممّن ينظر إلي ما في أيدي النّاس، و لا تغرّه الرشوة، و لکي تکون لک الحجّة عليه إذا ارتشي.

3- «وَ تَقِلُّ مَعَهُ حَاجَتُهُ إلي النّاس».

فإذا أجزلت له العطاء الکافي کفيته من حاجة النّاس، حتّي لا يکون متحيّزاً في إصدار الحکم لأحد.

4- «و أعْطِهِ مِنَ المَنْزِلَة لديک مَا لاَ يَطْمَعُ فِيْهِ غيرُهُ مِنَ خَاصَّتِک لِيَأمَنَ بذلِک اغتيالَ الرِّجالِ لَهُ عِنْدکَ».

لا يتوقف الإمام عليه السلام عند حدّ کفاية القاضي من الناحية الماديّة فقط،

[صفحه 441]

بل يتعدّاه إلي الناحية المعنوية، إذ يجب علي رئيس الدولة أو رئيس القضاء أن يجعل للقاضي مکانة لديه، لکي لا يکون هدفاً لسعاية الآخرين، و لکي يتمکّن من تنفيذ الأحکام الحقّة، و لا يطمع الآخرون به، و إلّا فإنّ المحيطين برئيس القضاء أو برئيس الدولة سيطلبون منه أن يحکم لصالحهم، و إنّه سيعمل ذلک من فرط الخوف.

ثمّ في نهاية هذه الفقرة الخاصّة في القضاء من هذا العهد قال: «فانظر في ذلک نَظَراً بليغاً، فإنَّ هذا الدينَ قدْ کَانَ أسيراً في أيْدي الأشرار يُعْمَلُ فيه بالهوي وَ تُطلَبُ بِهِ الدُّنيا».[1] .



صفحه 441.





  1. انظر المصدر السابق.