موقف علي من القضاة
[صفحه 435] إذ عليه و علي سلامة نظامه تبني سلامة المجتمع، و أمنه، و استقرار العدل فيه، و حفظ الحقوق و الحرمات. و لو لم يکن القضاء سالماً أو فوّض أمره إلي غير أهله، فشا الجور و الفساد، و ضاعت الحقوق و ضعفت الدولة، بل ربّما أعقب ذلک سقوطها و زوالها. و ذلک واضح لأنّ عالم الطبيعة عالم التزاحم و التصادم، و الإنسان في طبعه مجبول علي الولع و الطمع، و قد زيّن له حبّ الشهوات من النساء و الأموال و المشاغل، فربما يستغل الشخص قوّته و قدرته أو غفلة الآخرين، فينزو علي أموال الناس و حقوقهم، و يستعقب ذلک التنازع و البغضاء، بل ربما ينتهي الأمر إلي القتال و إتلاف النُفوس و الأموال. فلا محيص عن وجود سُلطة عالم عادل نافذ الأمر، تصلح بينهم أو تقضي بالحق و العدل فيرتفع النزاع و يجد کلّ ذي حقّ حقّه.
لا يخفي علي من راجع تواريخ الاُمم و الأجيال في العالم أنّ لأمر القضاء و فصل الخصومات مکانة خاصّة حسّاسة في جميع الاُمم و المجتمعات البشرية،
صفحه 435.