عليّ و إعانة المظلوم











عليّ و إعانة المظلوم



لقد کان لعليّ عليه السلام في أيام خلافته و باقي حياته المبارکة من الصفات ما لم يکن في عالم الوجود إلّا لرسول اللَّه صلي الله عليه و آله، و إذا نظرنا إلي تاريخ النماذج البشريّة العُليا، و الحکومات العادلة في تاريخ الدّنيا، فلا يمکن أن نقف علي من تمتّع بتلک الصفات الّتي تمتّع بها عليّ عليه السلام في أيّام خلافته. ...

نعم، يمکن أن نري بعض الخصائص في بعض الحکّام العادلين، لکن لا يمکن أن نري ما کان لعليّ عليه السلام علي مدي سنوات حکمه الخمس من کلّ تلک الفضائل و الآثار النفيسة الّتي تمثّلت في اُسلوب حياته و سلوکه، بحيث طغي نوره في کلّ خصلة حميدة، و من هنا کان عليّ عليه السلام قدوة لکلّ إنسان عادل و حاکم مقسط.

و إنّ کون عليّ عليه السلام مرجعاً للقضاء و الفصل في المنازعات الّتي کانت تقوم في أيّام حکومته إحدي خصائصه البارزة، فقد کان يأخذ بحقّ المظلومين بنفسه، و يتابع مشاکل النّاس، بل و قد يقوم بأعمال البعض بنفسه إنْ سمحت له الفرصة... ربما خرج يتمشّي جنب داره حيناً، و اُخري يمشي في الأسواق ليعظ النّاس، و يجلس ثالثة في المسجد لينصُر مظلوماً و يأخذ بحقّه من الظالم، و قد يذهب بنفسه مع المظلوم من أجل حلّ معضلته، و لم يکن الحرّ و القرّ أو الليل و النهار

[صفحه 422]

ليقف عائقاً بوجه عليّ عليه السلام، و هو يؤدّي أعماله هذه، فهل سنجد في زاوية من هذا العالم أو علي صفحة من صفحات التأريخ حاکماً کعليّ عليه السلام نذر نفسه لخدمه النّاس و يري في کلّ مکان من أماکن المجتمع، لا يخشي غدر الخائنين و کيد الأعداء، و يقف إلي جانب المظلوم ضدّ الظالم بکلّ قوّة؟ و لا عجب من ذلک، فهو الّذي يقول: «کونُوا للظالم خصماً، و للمظلوم عوناً». لا شک في أنّنا سوف لا نجد مثيلاً له، و لم ير التأريخ له نظيراً.


هيهات أن يأتي الزمان بمثله
إنّ الزمان بمثله لعقيم



صفحه 422.