عهده إلي مالك الأشتر في أمر التجّار و أصحاب الحرف











عهده إلي مالک الأشتر في أمر التجّار و أصحاب الحرف



حينما ولي عليّ عليه السلام أمر الحکومة توجّه إلي أهل السوق و التّجار و ذوي الصناعات، يوصيهم بما هومن صحيح واجبهم وکذا يوصي ولاته برعاية حقوقهم، و المنع عن الخلاف، و في عهده عليه السلام المعروف إلي مالک الأشتر النخعي، قال:

«ثمّ استَوصِ بالتُجّار و ذوي الصَّناعات، و أَوصِ بهم خيراً، المُقيمِ مِنهُم والمُضطَرِبِ بمالهِ[1] و المُترَفّقِ[2] بِبدَنِه، فإنَّهم مَوادُّ المَنافعِ و أسبابُ المَرافقِ[3] و جُلّابُها من المَباعِدِ و المطَارِحِ[4] في بَرّک و بَحرک، و سَهلِک و جبَلِکَ، و حَيثُ لا يَلتَئِمُ النّاسُ لِمَواضِعها[5] ، و لا يَجترؤون عليها، فإنَّهُم سِلم لا تُخاف بائِقتُه[6] ، و صُلحٌ لا تُخشي غائلَتُه[7] ، و تَفقَّد اُمورَهُم بِحَضرَتِک و في حَواشي بِلادِک، و اعْلَم مع ذلک أنّ في کَثير منهم ضِيقاً فاحِشاً، و شحّاً قبيحاً[8] وَ احِتکاراً[9] للمنافِع، و تَحکُمّاً[10] في البِياعات، و ذلک بابُ مضرّةٍ للعامّة، و عيبٌ علي الُولاة، فَامْنَع مِن

[صفحه 413]

الاحتکار، فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله مَنَعَ منه، وَليَکْن البَيعُ بَيعاً سمحا[11] بموازين عدلٍ، و أسعارٍ لا تُجحِفُ بالفَرِيقيَن مِنَ البائِع و المُبتاعِ[12] ، فَمَن قَارَفَ[13] حُکرةً[14] بعدَ نَهيِک إيّاهُ فَنَکّل[15] به و عاقبهُ في غَير إسرافٍ[16] »[17] .



صفحه 413.





  1. المضطرب بماله: المتردّد به بين البلدان.
  2. المترفّق: المکتسب.
  3. المرافق: ما ينتفع به من الأدوات و الآنية.
  4. المطارح: الأماکن البعيدة.
  5. أي لا يمکن التئام الناس و اجتماعهم في مواضع تلک المرافق من تلک الأمکنة.
  6. البائقة: الداهية.
  7. الغائلة: الشّر.
  8. الضيق: عسر المعاملة، و الشحّ: البخل مع حرص، فهو أشدّ من البخل.
  9. الاحتکار: حبس الطعام و المنافع عن الناس عند الحاجة إليها، و لا يسمحون به إلّا بأثمان فاحشة.
  10. التحکّم في البياعات: التطفيف في الوزن و الزيادة في السعر.
  11. المسامحة: المعاملة السهلة التي لا ضيق فيها و لا حرج.
  12. المبتاع: المشتري.
  13. قارف: خالط، و قارف الذنب و غيره: إذا داناه و لاصقه.
  14. الحُکرة، بالضمّ: الاحتکار.
  15. فنکّل به: أي أوقع به النکال و العذاب، عقوبة له.
  16. في غير إسراف: من غير تجاوز حدّ العدل.
  17. نهج البلاغة، الکتاب.