و منها: قصة سودة بنت عمارة











و منها: قصة سودة بنت عمارة



في (الفصول المهمّة) لابن الصباغ المالکي: بسنده عن سودة بنت عمارة الهمدانية (رحمة اللَّه عليها): أنّها قدمت علي معاوية بعد موت عليّ عليه السلام فجعل

[صفحه 409]

معاوية يؤنّبها علي تعريضها[1] عليه في أيّام قتال صفّين، ثمّ أنّه قال لها: ما حاجتک؟ فقالت: إنّ اللَّه تعال مسائلک عن أمرنا، و ما فرض عليک من حقّنا، و ما فوّض إليک من أمرنا، و لا يزال يقدم علينا من قبلک من يسمو بمقامک، و يبطش بسلطانک، فيحصدنا حصد السنبل، و يدوسنا دوس الحرمل، يسومنا الخسف، و يذيقنا الحتف، هذا بُسر بن أرطأه قد قدم علينا فقتل رجالنا، و أخذ أموالنا، و لولا الطاعة لکان فينا عزّ و منعة، فإن عزلته عنّا شکرناک، و إلّا فإلي اللَّه شکوانا.

فقال معاوية: إيّاي تعنين، و لي تهددين بقومک! لقد هممت يا سودة أن أحملک علي قتب أشوس فأردّک إليه، فينفّذ حکمه فيک، فأطرقت سودة، ثمّ أنشأت تقول:


صلّي الإِله علي جسم تضمّنه
قبر فأصبح فيه العدل مدفونا


قد حالف الحقّ لا يبغي به بدلاً
فصار بالحق و الإِيمان مقرونا


فقال معاوية: من هذا، يا سودة؟.

فقالت: هذا و اللَّه أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، لقد جئته في رجل کان قد ولّاه صدقاتنا، فجار علينا، فصادفته قائماً يريد صلاة، فلمّا رآني انفتل من صلاته، ثمّ أقبل عليَّ بوجه طلق، و رحمة و رفق، و قال: «لک حاجة» فقلت: نعم، و أخبرته بالأمر، فبکي، ثمّ قال: «أللّهمّ أنت الشاهد عليَّ و عليهم أنيّ آمرهم بظلم خلقک و لا بترک حقّک» ثمّ أخرج من جيبه قطعة جلد و کتب فيها:

بسم اللَّه الرَّحمن الرّحيم «قد جاءتکم بَيّنةٌ مِن ربِّکم فأوفوا الکَيل و الميزان و لا تَبْخسُوا النّاس أشياءهم و لا تُفسدُوا في الأرضِ بعد إصلاحها ذلکم خيرٌ

[صفحه 410]

لَکُم إن کُنْتُم مؤمنين»[2] ، و إذا قرأت کتابي هذا فاحتفظ بما في يدک من عملک حتّي نقدم عليک من يقبضه و السلام» ثمّ دفع إليَّ الرقعة، فجئت بالرقعة إلي صاحبه، فانصرف عنّا معزولاً.

فقال معاوية: اکتبوا لها بما تريد، و اصرفوها إلي بلدها غير شاکية.[3] .



صفحه 409، 410.





  1. کذا في المصدر و الظاهر أنّه: تحريضها.
  2. الأعراف، 85.
  3. الفصول المهمّة لابن الصباغ المالکي، ص 129.