يامر عمّاله علي البلاد بالرأفة و يحذّرهم من التعديّ











يامر عمّاله علي البلاد بالرأفة و يحذّرهم من التعديّ



قال ابن عبدالبرّ في (الاستيعاب): و لا يخصّ عليه السلام بالولايات إلا أهل الديانات و الأمانات، و إذا بلغه عن أحدهم خيانة کتب إليه: «« قَدْ جاءَتَکْمُ مَوعِظَةٌ

[صفحه 406]

مِن رَّبِّکُمْ فَأوفُوا الکَيلَ و الميزانَ بِالْقِسْط وَ لا تَبْخُسوا النَّاس أشْياءهُم وَ لا تَعثُوا في الأرضِ مُفسِدينِ، بَقِيَّةُ اللَّه خَيرٌ لَکُمْ إنْ کُنْتُمْ مُؤمِنين وَ ما أنا عَلَيکُم بِحفيظ»[1] ، إذا أتاک کتابي هذا فاحتفظ بما في يديک من أعمالنا حتّي نبعث إليک من يتسلّمه منک»، ثمّ يرفع طرفه إلي السّماء فيقول: «أللّهمّ إنّک تعلم أنّي لم آمرهم بظلم خلقک و لا بترک حقّک».[2] .

روي العلامة الزمخشري في (ربيع الأبرار) قال: و قال عليّ عليه السلام لعامله:«انطلق علي تقوي اللَّه وحده لا شريک له، و لا تروّعنّ مسلماً، و لا تجتازنّ عليه کارهاً، و لا تأخذنّ أکثر من حقّ اللَّه في ماله، فإذا قدمتَ علي الحيّ فانْزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثمّ امض إليهم بالسکينة و الوقار حتّي تقوم بينهم فتسلّم عليهم، و لا تخدج التحيّة لهم، ثمّ تقول: عباد اللَّه أرسلني إليکم وليّ اللَّه و خليفته لآخذ منکم حقّ اللَّه في أموالکم، فهل للَّه في أموالکم من حق فتؤدّوه إلي وليّه؟ فإن قال قائل: لا، فلا تراجعه، و إن أنعم لکم منعم، فانطلق معه من غير أن تخيفه أو تعسفه أو ترهقه، فخذ ما أعطاک من ذهب أو فضة، فإن کانت له ماشية أو إبل فلا تدخلها إلّا بإذنه، فإنّ أکثرها له، فإذا أتيتها فلا تدخلها دخول تسلّط عليه و لا عنيف به، و لا تنفّرن بهيمة و لا تفزعنّها و لا تَسُوأنَّ صاحبها فيه».[3] .

و فيه أيضاً: و قال عليه السلام للأشتر حين ولّاه مصر:«و اجْعَل لِذَوي الحاجات مِنْک قسماً تفرغ لهم فيه شخصک، و تجلس لَهم مَجلِساً عاماً فتتواضع فيه للَّه الّذي خلقک و تقعد عنهم جُندَک و أعوانک من أحراسک و شرطک حتّي يکلّمک مُتکلّم

[صفحه 407]

غَيرمتَعْتع[4] ، فإِنّي سمعتُ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول في غير موطن: لَن تقدّس اُمّة لا يؤخذ لضعيف فيها حقّه من القوي غير متعتع، ثمّ احتمل الخرق منهم و العيّ[5] ، و نحّ عنک الضيق[6] و الأنفة[7] ، يبسط اللَّه عليک أکناف رحمته[8] ، و يوجب لک ثواب طاعته».[9] .



صفحه 406، 407.





  1. الآيات من يونس، 57، الأعراف، 85، الشعراء، 183، هود، 86.
  2. الاستيعاب بهامش الاصابة، ج 3، ص 47 دار إحياء التراث العربي.
  3. ربيع الأبرار ج 3، ص 77 و قوله: «لا تخدج التحية لهم» أي أتمّها و لا تنقصها.
  4. التعتعة في الکلام: التردد فيه من حصر أو عي، و المراد غير خائف.
  5. التعتعة في الکلام: التردد فيه من حصرأو عي، و المراد غير خائف.
  6. العي بالکسر: العجز عن النطق.
  7. الضيق: ضيق الصدر لسوء الخلق.
  8. الأَنَفَة: الاستنکاف و الاستکبار.
  9. أکناف الرحمة: أطرافها.