احتکامه إلي القاضي مع اليهودي
روي ابن وکيع في (أخبار القضاة) بإسناده عن معاوية، عن ميسرة، عن شريح، قال:لمّا توجّه عليّ عليه السلام إلي قتال معاوية افتقد درعاً له، فلمّا رجع وجدها في يد يهودّي يبيعها بسوق الکوفة، فقال عليه السلام «يا يهودي الدّرع درعي، لم أهب و لم أبع»؟ فقال اليهودي: درعي و في يدي، فقال عليه السلام: «بيني و بينک القاضي». قال: فأتياني، فقعد عليّ عليه السلام إلي جنبي، و اليهوديّ بين يدي، و قال عليه السلام: «و لو لا أنّ خصمي ذمّي لا ستويت معه في المجلس، و لکنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: «اصغروا بهم کما أصغر اللَّه بهم»، ثمّ قال: «هذه الدرع درعي [صفحه 397] لم أبع و لم أهب»، فقال لليهوديّ: «ما تقول؟»، قال: درعي و في يدي، قال شريح: يا أميرالمؤمنين، هل من بيّنة؟ قال: «نعم الحسن ابني و قنبر يشهدان أنّ الدّرع درعي». قال شريح: يا أميرالمؤمنين، شهادة الابن للأب لا تجوز. فقال عليّ عليه السلام: «سبحان اللَّه، أرجل من أهل الجنّة لا تجوز شهادته؟! سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة». فقال اليهوديّ: أميرالمؤمنين قدّمني إلي قاضيه، و قاضيه يقضي عليه، أشهد أنّ هذا الدّين علي الحقّ، و أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، و أنّ محمّداً عبده و رسوله، و أنّ الدّرع درعک يا أميرالمؤمنين، سقطت منک ليلاً، و توجّه مع عليّ عليه السلام يقاتل معه بالنهروان فقتل.[1] . أقول: هذا العمل من عليّ بن أبي طالب عليه السلام و هو حاکم المسلمين في ذلک العصر يدلّ علي الدّيمقراطية الکاملة في حکومته، فهل يمکن أن يُري في عصرنا هذا في بلاد العالم المدّعي للديمقراطيّة مثل هذا ؟!.
و من أظهر مظاهر عدله و مساواته أنّه عليه السلام في عصر حکومته و ولايته، حضر مجلس القضاء، و جلس مع يهودي عند القاضي کما ذکرنا في (المساواة أمام القانون) من هذا الفصل و نذکره هنا تتميماً للبحث.
صفحه 397.