قول جورج جرداق المسيحي











قول جورج جرداق المسيحي



قال جورج جرادق في کتاب (الإمام عليّ صوت العدالة الإنسانية) في وصف أميرالمؤمنين عليه السلام: و مروءة الإمام أندر من أن يکون لها مثل في التاريخ، و حوادث المروءة في سيرته أکثر من أن تعدّ.

منها: أنّه أبي علي جنده - و هم في حال من النقمّة و السخطّ - أن يقتلوا عدّواً تراجع، و أن يترکوا عدوّاً جريحاً فلا يسعفوه، کما أبي عليهم أن يکشفوا ستراً أو أن يأخذوا مالاً.

و منها: أنّه صلّي في وقعة الجمل علي القتلي من أعدائه و سأل لهم الغفران، و أنّه حين ظفر بألدّ أعدائه الذين يتحيّنون الفرص للتّخلص منه، و هم: عبداللَّه بن الزّبير، و مروان بن الحکم، و سعيد بن العاص، عفا عنهم و أحسن إليهم، و أبي علي أنصاره أن يتعقّبوهم بسوء و هم علي ذلک قادرون.

و من حوادث المروءة أنّ عليّاً عليه السلام ظفر بعمرو بن العاص- و هو لا يقلّ خطراً عليه من معاوية بن أبي سفيان- فأعرض عنه و ترکه ينجو بحياته و يستمر في مؤامراته ضدّه، لأنّ عَمْراً هذا رجاه علي اُسلوب خاصّ[1] أن يعفو عنه، و قد أصبح ذوالفقار فوق هامته، و لو قضي عليّ عليه السلام علي عمرو آنذاک لکان قضي علي المکر و الدّهاء و جيش معاوية.

و في معرکة صفّين حاول معاوية و جماعته أن يميتوا عليّاً عطشاً، فحالوا

[صفحه 385]

بينه و بين الماء زمناً و هم يقولون له: و لا قطرة حتّي تموت عطشاً، و لکن ما کان من أمره و أمر جيش معاوية بعد ذلک، کان أن حمل عليهم الفارس العظيم فأجلاهم عن الماء، ثمّ أتاح لهم أن يشربوا منه کما يشرب جنده، و لو منع عنهم الماء لانتصر عليهم، و اضطرّهم إلي التسليم خشية الموت ظمأً.

و عرف مرّة أنّ رجلين من أنصاره ينالان من عائشة في موقعة الجمل الّتي أدارتها عائشة للقضاء عليه، فأمر بجلدهما مائة جلدة، ثمّ أقبل علي عائشة بعد انتصاره في هذه الموقعة و ودّعها أکرم وداع، و سار هو نفسه في رکابها أميالاً، ثمّ أوصي بها، و أرسل من يخدمها و يخفّ بها و يوصلها إلي المدينة مکرّمة محترمة.

قيل: إنّه أرسل معها عشرين امرأة من نساء عبدالقيس عمّمهنّ بعمائم الرجال، و قلّدهنّ السيوف، فلمّا کانت عائشة ببعض الطريق ذکرت عليّاً بما لا يجوز أن يذکر به، و تأفّفت و قالت: هتک ستري برجاله و جنده الّذين و کلهم بي، فلمّا وصلت إلي المدينة ألقي النّساء عمائمهنّ، و قلن لها: نحن نسوة.[2] .

و فيما يلي نورد بعض أخباره عليه السلام مع مخالفيه في حرب الجمل:



صفحه 385.





  1. و هو أن عمرو بن العاص کشف عورته في أرض المعرکة جبناً و طمعاً في النجاة من سيف أميرالمؤمنين عليه السلام.
  2. الامام عليّ صوت العدالة الانسانية، ج 1، ص 82.