الفرق بين القانون الإسلامي و غيره
و في تفسير القرطبي عن أبي نضرة، قال: حدّثني من شهد خطبة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بمني في وسط أيّام التشريق و هو علي بعير فقال: «يا أيّها النّاس، ألا إنّ ربّکم واحد، و إنّ أباکم واحد، ألا لا فضل لعربي علي عجمي، و لا لعجمي علي عربي، و لا لأسودٍ علي أحمر، و لا لأحمر علي أسود إلّا بالتقوي، ألا هل [صفحه 370] بلّغتُ؟» قالوا: نعم، قال: «ليبلّغ الشاهدُ الغائب».[2] . نعم المراکز و المناصب في الاسلام لا تنال إلّا بالقابليّات، و لا تمنح جزافاً، و أمّا القوانين فإنّها شاملة للجميع علي حدّ سواء، و لا يوجب الاختلاف في النسب أو اللّون أو الوطن أو اللغة أو المنصب تفاوتاً في المسؤولية أمامها. قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «لَن تُقدّس اُمّة لا يؤخذ للضعيف فيها حقّه من القوي غير متعتع».[3] . و في صحيح البخاري: في کتاب الحدود، باب کراهية الشفاعة في الحدّ بسنده: عن عروة عن عائشة: أنّ قريشاً أهمّتهم المرأة المخزومية الّتي سَرَقَت. فقالوا: مَن يُکَلِّم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وَمَن يَجتري ء عليه إلّا اُسامة حِبُّ[4] رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فکلّم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله. فقال رسول اللَّه: «أتشفع في حدٍّ من حدود اللَّه؟» ثمَّ قام فخطب، قالَ: «يا أيّها النّاسُ، إنّما ضلَّ مَنْ قَبلکُمْ إنّهم کانوا إذا سَرَق الشريف تَرکوه، و إذا سرق الضّعيف فيهم أقاموا عليه الحدّ، و أيمُ اللَّه لو أنَّ فاطمة بنت محمّد سَرَقَتْ لقطع محمّدٌ يدها».[5] .
إمتاز قانون الإسلام عن غيره بأنّه لا يفرّق بين أفراد المجتمع و الطبقات في القوانين الحقوقية والجزائية المترتّبة عليهم، و لا فرق فيه بين الرئيس و المرؤوس، و الراعي و الرعية، و القوي و الضعيف، و العربي و الأعجمي، و الأبيض و الأسود، و الغني و الفقير، بل القانون للجميع واحد، و الحاکم واحد و المحکمة أيضاً واحدة، نعم من کان متّقياً و رعاً فإنّه يتمتع بکرامة و قدسية و منزلة معنوية،إلّا أنّ ذلک لا يؤثّر في سراية القانون عليه. قال تعالي: «إنّ أکْرَمَکُمْ عِنْدَ اللَّه أتقاکُمْ».[1] .
صفحه 370.