و منها: من كتاب له إلي عثمان بن حنيف و هو عامله علي البصرة











و منها: من کتاب له إلي عثمان بن حنيف و هو عامله علي البصرة



قد کان عليّ عليه السلام يراقب أعمال ولاته مراقبة شديدة حتّي إنّه لمّا بلغه أنّ و اليه علي البصرة عثمان بن حنيف الأنصاري قد أجاب دعوة جماعة من أهل البصرة إلي وليمة فيها ألوان الطعام فتناول منها شيئاً، و في البصرة فقراء محتاجون منعوا من حضورها، أرسل إليه کتاباً يوبّخه فيه: «أمّا بعد- يابن حنيف- فَقَد بَلَغني أنّ رَجُلاً مِن فِتيَة أهل البَصرة دَعاک إلي مأدبةٍ، فأسرعتَ إليها تُستطابُ لَک الألوان، و تُنقلُ إليک الجِفان، و ما ظَننتُ أنّک تُجيبُ إلي طعام قومٍ عائلُهم[1] مَجفوٌّ و غَنيُّهم مَدْعوٌّ، فانظُر إلي ما تَقضِمُه مِن هذا المقضَم، فما اشْتَبَه عَلَيک عِلْمُه فَالْفِظهُ[2] ، و ما أيقَنت بِطيبِ وَجْهه فَنَلْ مِنه، ألا و إنّ لِکلِّ مأموم إماماً يَقتَدي بِه وَ يَستضي ء بِنورِ عِلمِه، ألا و إنّ إماْمَکم قَدِ اکْتفَي مِن دُنياه بِطْمريَه[3] ، و مِن طُعمِه[4] بقُرصَيه، ألا و إنّکُم لا تَقِدرُونَ علي ذلک، وَ لکِن أعينوني بِوَرعٍ وَ اجتهادٍ، وَ عِفَّةٍ و سَدادٍ، فو اللَّه ما کَنزْتُ من دُنياکُم تِبراً[5] ، و لا ادَّخَرْتُ من غَنائِمها وفراً[6] ، و لا أعددتُ لِبالي ثَوبي طمراً (و لا حُزتُ من أرضها شِبراً، و لا أخذتُ مِنه

[صفحه 363]

إلّا کقوتِ أتان دَبرة،[7] و لهي في عيني أوهي و أهون من عفصةٍ مقرةٍ[8] ).[9] .

و روي في شرح الإحقاق عن (ذخيرة الملوک للهمداني، ص 102( أنّ عليّاً عليه السلام- بعد إرسال الکتاب إلي عثمان بن حنيف- عزله عن الحکومة.[10] .



صفحه 363.





  1. عائلهم: محتاجهم.
  2. الفظه: اطرحه.
  3. الطِمر بالکسر: الثوب الخلق البالي.
  4. طُعمه بضم الطاء: ما يطعمه و يفطر عليه.
  5. التبر: بالکسر فالسکون، فتُات الذهب و الفضة قبل أن يصاغ.
  6. الوفر: المال.
  7. الاتان الدبرة، هي الّتي عقر ظهرها فقلّ أکلها.
  8. مقرة: مُرّة.
  9. نهج البلاغة، الکتاب 45؛ و بين المعقوفين من شرح ابن أبي الحديد، ج 16، ص 205.
  10. الاحقاق، ج 8، ص 549.