عليّ مصداق بارز لآية كونوا قوّامين بالقِسطِ











عليّ مصداق بارز لآية کونوا قوّامين بالقِسطِ



نعم، لقد کانت هذه العدالة ضالّة عليّ عليه السلام، و کان کالظامي ء الذي يبحث عن

[صفحه 354]

عين ماء تروي ظمأه، کان عليّ عليه السلام يسعي إلي معين العدالة العذب. کان عليّ عليه السلام مظهر العدالة و جوهرتها حقّاً، فقد بَعُد عن کلّ ظلم و جور، و في فکر عليّ عليه السلام السامي لم يکن ممکناً أن تقاس العدالة بأيّ أمر آخر، و کان لا يعبأ حتّي بأعزّ إنسان عليه من أجل الحقّ، و ذلک أنّ ربّه قد أمره بذلک، فکيف يعصي مولاه؟ «إنّ اللَّه يَأمر بالعدل و الإحسان».[1] .

لم يکن عليّ عليه السلام يرضي بالکفّ عن تطبيق العدالة و التراجع عنها مهما کلّف الثمن، و لم يرض أن يتخطّي العدالة خطوة حتّي من أجل تثبيت أرکان حکومته الفتية، و أبي أن يساوم أو يتّبع المصالح السياسية مهما عظم الثمن، کما أنّه لم يرض أن يضحّي بالعدالة و يقع تحت تأثير الرحمة و التحرق شفقة، فيعرّض بذلک هذا الرکن المقدّس للتزلزل و الانهيار، فقد کان مصداقاً و مظهراً بارزاً للآية الشريفة: «يا أيُّها الَّذينَ آمنُوا کُونُوا قوّامينَ بِالقِسطِ».[2] القسط هو العدل، و القيام بالقسط العمل به و التحفّظ له، فالمراد بالقوّامين بالقسط القائمون به أتمّ قيام و أکمله، من غير انعطاف و عدول عنه إلي خلافه لعامل من هوي و عاطفة، أو خوف، أو طمع، أو غيرذلک، و هل توجد هذه الصفة بتمامها و کمالها في غير عليّ بن أبي طالب عليه السلام؟! إنّه مصداق بارز و کامل لهذه الصفة بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، کما سيظهر ذلک من المباحث الآتية إن شاء اللَّه تعالي.



صفحه 354.





  1. النحل، 90.
  2. النساء، 135.