انّه أعلمُ الصحابة











انّه أعلمُ الصحابة



يجب أن يکون المتقدّم لإمامة المسلمين أعلم النّاس في عصره و زمانه، و تقدّم غير الأعلم عليه قبيح عقلاً، لأنّ الإِمامة- کما قلنا في تعريفها- هي رئاسة عامّة إلهية في اُمور الدّين و الدّنيا، فلابدّ أن يکون الإِمام النائب عن النبيّ صلي الله عليه و آله أعلم بالأحکام الإلهية و العلوم الدينيّة، و وجهه واضح.

و قد استدلّ علي کونه عليه السلام أعلم النّاس بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بوجوه:

1- إنّه کان شديد الحدس و الذکاء و الحرص علي التعلّم و دائم المصاحبة للرسول صلي الله عليه و آله الّذي هو الکامل المطلق بتسديد اللَّه تعالي، و کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله شديد المحبّة له و الحرص علي تعليمه حتّي علّمه صلي الله عليه و آله- في مرضه الّذي قُبض فيه- ألف باب من العلم، و انفتح له من کلّ باب ألف باب آخر.[1] .

[صفحه 337]

2- إنّه تربّي في حجر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من صغره، و في کبره کان أخاه و وصيّه و حامل لوائه، و ختناً له يدخل عليه في کلّ وقت و يستفيد من فيوضات علمه.[2] .

3- رجوع أکابر الصحابة و التابعين إليه في الوقائع الّتي تعرض لهم، و يأخذون بقوله و يرجعون عن اجتهادهم، و ذلک بيّن في کتب التاريخ و السّير.[3] .

4- قوله عليه السلام: «لو ثنيتْ لي الوسادة فجلستُ عليها لحکمتُ بين أهل التوراة بتوراتهم، و بين أهل الإِنجيل بإِنجيلهم، و بين أهل الزّبور بزبورهم، و بين أهل الفرقان بفرقانهم، و اللَّه ما مِن آية نزلتْ في ليل أو نهارٍ أو سهلٍ أو جبلٍ إلّا و أنا أعلم فيمن نزلتْ و في أيّ شي ء نزلتْ»، و ذلک يدلّ علي إحاطته عليه السلام بمجموع العلوم الإِلهية.[4] .

5- قول النبيّ صلي الله عليه و آله في حقّه: «أقضاکم عليّ» و معلوم أنّ القضاء يحتاج إلي العلوم الکثيرة و الذکاء و الدراية، و «أقضي الاُمّة»، معناه أکثرهم علماً و فهماً و درايةً.[5] .

و هذه الوجوه الخمسة دالّة علي أعلميّة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فإِذا کان الأعلم، کان متعيّناً للإِمامة بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله.



صفحه 337.





  1. راجع بحث (علمه عليه السلام).
  2. راجع (موضعه عليه السلام من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في هذا الکتاب).
  3. سيأتيک في رجوع الخلفاء إليه في مشاکلهم في (قضاء عليّ عليه السلام).
  4. راجع (عليّ عليه السلام و سعة علمه).
  5. سيأتي بحث مفصّل في قضاء عليّ عليه السلام فراجع.