الامامة عند فرق المسلمين











الامامة عند فرق المسلمين



قد أجمع المسلمون علي وجوب الإِمامة إلّا مَنْ شَذَّ منهم[1] ، و اختلفوا في دليل وجوبها، هل وجبت بالعقل،أو بالشرع، أو بهما معاً؟ ثمّ بعد أن ثبت وجوبها بالإِجماع صاروا فريقين:

أحدهما: أنّ الإِمامة تثبت بالاتفاق و الاختيار.

و الثاني: أنَّها تثبت بالنّص و التعيين.

أمّا الفريق الأوّل فهم جمهور أهل السنّة، و معظم الخوارج و الزيديّة من الشيعة، و في هذا الفريق من يذهب إلي أنّها تثبت أيضاً بالقهر و الغلبة بَرَّاً کان أو فاجراً، و القائلون بالاختيار اختلفوا في کيفيّة انعقادها، فقالت طائفة منهم: لا تنعقد إلّا بجمهور أهل الحلّ و العقد، و قالت اُخري: أقلّ من تنعقد به الإِمامة خمسة يجتمعون علي عقدها، و استدلّوا علي ذلک بأمرين:

الاول: أنّ بيعة أبي بکر انعقدت بخمسة اجتمعوا عليها، ثمّ تابعهم النّاس فيها.

و الثّاني: أنّ عمر جعل الشوري في ستّة ليعقد لأحدهم برضا الخمسة، و غير ذلک من الأقوال.[2] .

و أمّا الفريق الثاني فهم الّذين قالوا: لا طريق إليه إلّا بالنّص، و هم ثلاث فرق: البکريَّة، و العباسيّة، و الإِماميّة.

فقالت البکريّة: إنّ النبيّ نصَّ علي أبي بکر إشارةً، و هم جماعة من الحنابلة و أصحاب الحديث و بعض الخوارج.

و قالت الراوندية: إنّه نصّ علي عمّه العبّاس تلويحاً، و قد نشأت هذه الطائفة

[صفحه 328]

في صدر الدّولة العبّاسيّة، و ناصرهم الجاحظ في رسالة سمّاها (العبّاسيّة) ثمّ انقرضت هذه الطائفة في زمن قصير.[3] .

و قالت الإِماميّة: نصّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله علي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام تصريحاً و تلويحاً، و إنّ الإِمامة عهد اللَّه الّذي لا خيرةَ للعباد فيه، و حاشا للَّه أن يترک الاُمّة مهملة، يري کلّ واحد رأياً، و يسلک کلُّ واحد سبيلاً، فلا بدّ من تعيين الإِمام و النصّ عليه حسماً للخلاف وقطعاً لدابر الفتنة.

و لا يخفي أنّ الخلاف في الإِمامة بين المسلمين واقع بالفعل من صدر الإِسلام إلي يومنا هذا حتي قال الشهرستاني: أعظم خلاف بين الاُمّة خلاف الإمامة إذ ما سلّ سيف في الإسلام علي قاعدة دينية في کل زمان مثل ما سلّ علي الإمامة في کلّ زمان.[4] .

[صفحه 329]



صفحه 328، 329.





  1. مثل أبي بکر الأصم من قدماء المعتزلة حيث قال بعدم وجوبها إذا تناصفت الاُمّة و لم تتظالم.
  2. انظر الأحکام السلطانية، ص 7.
  3. انظر الاحکام، ص 8؛ تلخيص الشافي للشيخ الطوسي، ج 2، ص 7.
  4. الملل و النحل، ج 1، ص 27.