نماذج من تواضعه











نماذج من تواضعه



کما أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله أمره اللَّه تعالي بالتواضع للمؤمنين «وَ اخْفِض جَناحَکَ لِمنْ اتَّبَعَکَ مِن المؤمنين»،[1] کان أميرالمؤمنين عليه السلام کأخيه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله مقتدياً بسيرته، إذ کان متواضعاً للمؤمنين في کلّ حالاته في قدرته و ضعفه الظاهريين، و في عزلته و حکومته، و في حربه و سلمه. و فيما يلي نماذج تحکي لنا صوراً من تواضعه عليه السلام:

1- قال ابن أبي الحديد المعتزلي: عن صالح بيّاع الأکسية: إنّ جدّته لَقيْت عليّاً عليه السلام بالکوفة و معه تمرٌ يَحمله، فسلّمت عليه، و قالت له: أعطني- يا أميرالمؤمنين- هذا التمر أحمله عنک إلي بيتک؟ فقال عليه السلام: «أبوالعيال أحقّ بحمله». قالت: ثمَّ قال لي: «ألا تأکلين منه؟». فقلت: لا اُريد. قالت: فانطلق به إلي منزله، ثمَّ رجع مرتدياً بتلک الشملة، و فيها قشور التمر، فصلّي بالنّاس فيها الجمعة.[2] .

2- و فيه أيضاً، عن عنبسة العابد، عن عبداللَّه بن الحسين بن الحسن، قال: أعتق عليٌّ عليه السلام في حياة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ألف مملوک ممّا مجلت[3] يداه و عرق جبينه، و لقد ولي الخلافة و أتته الأموال، فما کان حلواه إلّا التمر، و لا ثيابه إلّا الکرابيس.

[صفحه 302]

3- و فيه أيضاً، عن حاتم بن إسماعيل المدني، عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام قال: «ابتاع عليّ عليه السلام في خلافته قميصاً سَمِلاً[4] بأربعة دراهم، ثمَّ دعا الخيّاط، فمدَّ کُم القميص، و أمره بقطع ما جاوز الأصابع».[5] .

4- و في نهج البلاغة: قال عليّ عليه السلام- و قد لقيه عند مسيره إلي الشام (صفّين) دهاقين الأنبار، فَتَرجّلُوا لَه، و اشتدّوا بَينَ يَديه: «ما هذا الَّذي صَنَعتُموهُ»؟. فقالوا: خُلقٌ مِنّا نُعَظِّمُ بِهِ اُمَراؤنا.

فقال: «وَ اللَّه ما يَنتَفِعُ بهذا اُمراؤکُم، و إنَّکم لَتَشقّونَ علي أنفِسِکُم في دُنياکم، وَ تَشْقُونَ بِهِ في آخِرَتِکُم، و ما أخسَرَ المَشَقَّة وَراءَها العِقابُ، و أرَبحَ الدَّعَةَ مَعَها الأمانُ مِن النّارِ!».[6] .

5- و روي المحبّ الطبري، عن زيد بن وهب: أنّ الجعد بن بعجة من الخوارج عاتب علياً في لباسه، فقال: مالکم و لباسي؟ هذا هو أبعد من الکبر، و أجدر أن يقتدي به المسلم. أخرجه أحمد و صاحب الصفوة.[7] .

6- و عن زاذان، قال: رأيت علياً يمشي في الأسواق، فيمسک الشسوع بيده، فيناول الرجل الشسع، و يرشد الضالّ، و يعين الحمّال علي الحمولة، و هو يقرأ الآية: «تِلکَ الدَّارُ الآخِرةُ نَجْعَلُها للَّذِينَ لاَيُريدُونَ عُلُوّاً في الأرْضِ وَ لاَ فَسَاداً وَ الْعَاقِبةُ لِلْمُتَّقِين»[8] ثمّ يقول: هذه الآية نزلت في ذي القدرة من الناس. أخرجه أحمد في المناقب.[9] .

[صفحه 303]



صفحه 302، 303.





  1. الشعراء، 215.
  2. شرح ابن أبي الحديد، ج 2، ص 202.
  3. مجلت يداه: عملت.
  4. السمل: الخلق من الثياب.
  5. نفس المصدر.
  6. نهج البلاغة، قصار الحکم 37.
  7. الرياض النضرة، ج 3، ص 218.
  8. القصص، 83.
  9. نفس المصدر.