عبادة عليّ
قال ابن أبي الحديد المعتزلي في عبادته عليه السلام: فکان عليّ عليه السلام أعبد النّاس، و أکثرهم صلاةً و صوماً، و منه تعلّم النّاس صلاة الليل، و ملازمة الأوراد، و قيام النافلة، وما ظنّک برجل يبلغ من محافظته علي ورده أن يُبْسَطُ له نطعٌ بين الصّفين ليلة الهرير، فيصلّي عليه وِرْدَه، والسهام تقع بين يديه، وتمرّ علي صماخيهِ يَميناً و شمالاً، فلا يرتاع لذلک، و لا يقوم حتّي يفرغ من وظيفته! و ما ظنّک برجلٍ کانت جبهته کَثَفِنَةِ[1] البعير لطول سجوده. و أنت إذا تأمّلت دعواته و مناجاته، و وقفتَ علي ما فيها من تعظيم اللَّه سبحانه و إجلاله، و ما يتضمّنه من الخضوع لهيبته، و الخشوع لعزّته، و الاستخذاء[2] له، عرفت ما ينطوي عليه من الإخلاص، و فهمت من أيّ قلبٍ خرجت و علي أيّ لسان جرت. [صفحه 272] و قيل لعليّ بن الحسين عليه السلام- و کان الغاية في العبادة-: أين عبادتک من عبادة جدّک؟ قال: «عبادتي عند عبادة جدّي، کعبادة جدي عند عبادة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله».[3] .
إنّ علياً عليه السلام قد کان بلغ في العبادة غايتها، و لا يستطيع أحدٌ أن يبلغ إلي حدٍّ من حدود عبادته التي لا توصف إلّا السابق إلي کلّ خير سيد البشر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله
صفحه 272.