علي في القوّة و الأيد











علي في القوّة و الأيد



حسبک في قوّة عليّ عليه السلام و أيده قلعه باب خيبر، و جعله جسراً علي الخندق، و کان يغلقه عشرون رجلاً، و تترّسه يومئذٍ بباب لم يستطع قلبه ثمانية نفر.

فقد روي البيهقي في الدلائل و غيره، بالاسناد عن أبي رافع مولي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، قال: خرجنا مع علي عليه السلام حين بعثه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله برايته، فلمّا دنا من الحصن خرج إليه أهله، فقاتلهم، فضربه رجل من يهود، فطرح ترسه من يده، فتناول عليّ باب الحصن فترّس به عن نفسه، فلم يزل في يده و هو يقاتل حتي فتح اللَّه عليه، ثم ألقاه من يده، فلقد رأيتني في نفرٍ من سبعة أنا ثامنهم نَجْهَدُ علي أن نقلب ذلک الباب فما استطعنا أن نقلبه.

و عن جابر أنّه قال: ثمّ اجتمع عليه سبعون رجلاً، فکان جهدهم أن أعادوا الباب.[1] .

قال الفخر الرازي في تفسيره: إنّ کلّ من کان أکثر علماً بأحوال عالم الغيب، کان أقوي قلباً و أقلّ ضعفاً، و لهذا قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: «و اللَّه ما قَلعتُ باب

[صفحه 255]

خيبر بقوة جسمانيّة و لکن بقوّة ربّانيّة» و ذلک لأنّ عليّاً عليه السلام في ذلک الوقت انقطع نظره عن عالم الأجساد، و أشرقت الملائکة بأنوار عالم الکبرياء، فتقوّي روحه، و تشبّه بجواهر الأرواح الملکيّة، و تلألأت فيه أضواء عالم القدس و العظمة، فلا جرم (أن) حصل له من القدرة ما قدر بها علي ما لم يقدر عليه غيره، و کذلک العبد إذا واظب علي الطاعات بلغ إلي المقام الّذي يقول اللَّه: «کُنتُ لَهُ سَمْعاً وَ بَصراً» فإذا صار نور جلال اللَّه سمعاً له سمع القريب و البعيد، و إذا صار ذلک النور بصراً له رأي القريب و البعيد، و إذا صار ذلک النور يداً له قدر علي التصرّف في الصعب و السّهل و البعيد و القريب.[2] و قال ابن أبي الحديد في شرحه: أمّاالقوّة و الأيد فبه يُضرب المثل فيهما، قال ابن قتيبة في المعارف: ما صارع أحداً قطّ إلّا صرعه، و هو الّذي قلع باب خيبر، و اجتمع عليه عصبة من النّاس ليقلبوه فلم يقلبوه، و هو الّذي اقتلع هبل من أعلي الکعبة- و کان عظيماً جدّاً- و ألقاه إلي الأرض، و هو الّذي اقتلع الصخرة العظيمة في أيّام خلافته عليه السلام بيده بعد عجز الجيش کلّه عنها، و انبطّ الماء من تحتها.[3] .

[صفحه 256]



صفحه 255، 256.





  1. دلائل النبوة، ج 4، ص 212، دارالکتب العلمية- بيروت.
  2. التفسير الکبير، ج 21، ص 91.
  3. شرح ابن أبي الحديد، ج 1، ص 21.