حبُّ علي سعادة











حبُّ علي سعادة



من خلال دراسة الأخبار الواردة في کتب الفريقين عن النبيّ صلي الله عليه و آله و الائمّة المعصومين عليهم السلام في فضيلة محبّة عليّ عليه السلام، و کونّ الشقاء في بغضه و عدائه، يحصل لنا يقين بأنّ حبّ عليّ عليه السلام في المرتبة الاُولي من العقائد بعد الإيمان باللَّه و رسول الإسلام الکريم، و أنّ سعادة أيّ إنسان رهينة بمحبّته و اتّباع أوامره، و علي العکس من ذلک فإنّ الشقاء و التعاسة في عدائه و مخالفته.

و لا يعدو الحقّ ذلک؛ لأنّ محبّته و إطاعة أوامره تعني الالتزام بأوامر الإسلام المحمّدي الأصيل، و هو يستتبع حتماً السعادة في الدّنيا و النجاة من النّار و دخول الجنّة في الآخرة، کما أنّ مخالفته و عداءه هي الانحراف عن الإسلام الحقيقي، و نتيجة ذلک الخسران المبين في الدّنيا و الآخرة و الخلود في العذاب الأليم، و يؤيد ما قلناه بعض الأخبار التي وردت بهذا المضمون، و منها:

1- روي الصفوري الشافعي، عن أنس، قال: قال النبيّ صلي الله عليه و آله: «صحيفة المؤمن حبّ عليّ بن أبي طالب». و قال الحسن: «قال لي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: أدع لي سيّد العرب يعني عليّاً فلمّا جاء أرسل إلي الأنصار، فقال: يا معشر الأنصار، ألا أدلّکُم علي من إذا تمسّکتم به لن تضلّوا بعده؟ قالوا: بلي يا نبيّ اللَّه. قال: هذا

[صفحه 214]

عليٌّ فأحبّوه بحبّي، وأکرموه بکرامتي، فإنّ جبرئيل أمرني بالّذي قلتُ لکم عن اللَّه تعالي».[1] .

2- و روي الديلمي، عن عمر بن الخطاب قال: قال النبيّ صلي الله عليه و آله: «حبّ عليّ براءة من النّار».[2] .

3- و عنه أيضاً، عن ابن عباس، قال صلي الله عليه و آله: «حبّ علي بن أبي طالب يأکل الذنوب کما تاکل النار الحطب».[3] .

4- و عنه أيضاً، عن معاذ بن جبل، قال صلي الله عليه و آله: «حبّ عليّ بن أبي طالب حسنة لا تضرّ معها سيئة، و بغضة سيئة لا تنفع معها حسنة».[4] .

5- روي ابن عساکر الشافعي، عن الأصبغ بن نباته، و أبي مريم الخولاني، قالا: سمعنا عمّار بن ياسر و هو يقول: سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: «يا عليّ، إنّ اللَّه زيّنک بزينة لم يزيّن العباد بشي ء أحبّ إلي اللَّه منها، و هي زينة الأبرار عند اللَّه: الزهد في الدنيا، فجعلک لا تنال من الدّنيا شيئاً، و لا تنال الدّنيا منک شيئاً، و وهب لک حبّ المساکين، فجعلک ترضي بهم أتّباعاً، و يرضون بک إماماً، فطوبي لمن أحبّک و صدق فيک، فهم جيرانک في دارک، و رفقاؤک في جنّتک، و أمّا من أبغضک و کذّب عليک، فحقّ علي اللَّه أن يوقفهم يوم القيامة موقف الکذّابين»[5] .

6- و روي الخطيب البغدادي والکنجي عن ابن عبّاس، قال: قلت للنبيّ صلي الله عليه و آله: يا رسول اللَّه، للنّار جواز؟ قال: «نعم». قلت: و ما هو؟ قال: «حبّ عليّ

[صفحه 215]

بن أبي طالب».[6] .

7- و روي ابن عساکر الشافعي، عن محمّد بن منصور الطوسي، قال: سمعت أحمد بن حنبل- في حديث- يقول: الحديث الّذي ليس عليه لبس هو قول النبيّ صلي الله عليه و آله: «يا عليّ، لا يحبّک إلّا مؤمن، و لا يبغضک إلّا منافق». و قال اللَّه عزّوجلّ: «إنّ المنافقين في الدّرک الأسفلِ من النّارِ»،[7] فمن أبغض عليّاً فهو في الدرک الأسفل من النّار.[8] .

8- و عنه أيضاً، عن عاصم بن ضمرة، قال: سمعت عليّاً عليه السلام يقول: «إنّ محمّداًصلي الله عليه و آله أخذ بيدي ذات يوم فقال: من مات و هو يبغضک ففي سنّة جاهليّة، يحاسب بما عمل في الإسلام، و من عاش بعدک و هو يحبّک ختم اللَّه له بالأمن و الإيمان ما طلعت شمس و غربت حتّي يَرِدَ عليَّ الحوض».[9] .

9- و روي الجويني، بسنده عن سعيد بن محمّد الورّاق، و ابن الصباغ المالکي، عن عليّ بن الحزوّر، قال: سمعت أبا مريم الثقفي يقول: سمعت عمّار بن ياسر يقول: سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول لعليّ بن أبي طالب عليه السلام: «يا عليّ، طوبي لمن أحبّک و صدق فيک، و ويل لمن أبغضک و کذب فيک».[10] .

10- و عنه أيضاً، عن أنس، قال: قال رسول اللَّه: «إذا کان يوم القيامة نصب لي منبر، فيقال لي: إرق فأرقاه، فأکون أعلاه، ثمّ ينادي مناد: أين عليّ، فيکون دوني بمرقاة، فيعلم جميع الخلائق أنّ محمّداً سيّد المرسلين، و أنّ عليّاً سيد

[صفحه 216]

الوصيّين».

قال أنس: فقام إليه رجل منّا- يعني من الأنصار- فقال:يا رسول اللَّه، فمن يبغض عليّاً بعد هذا؟ فقال: «يا أخا الأنصار، لا يبغضه من قريش إلّا سفحيّ، و لا من الأنصار إلّا يهوديّ، و لا من العرب إلّا دعيّ، و لا من سائر النّاس إلّا شقيّ».[11] .

11- و فيه أيضاً: بسنده عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: «إنّ النبيّ صلي الله عليه و آله أخذ بيد الحسن و الحسين عليهماالسلام، فقال: من أحبّني و أحبّ هذين و أباهما و اُمّهما، کان معي في درجتي يوم القيامة».[12] .

12- و عنه أيضاً، عن زيد بن يثيع، قال: سمعت أبا بکر بن أبي قحافة يقول: رأيت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله خيّم خيمة- و هو متکي ء علي قوس عربيّة- و في الخيمة عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام. فقال: «يا معشر المسلمين، أنا سلمٌ لمن سالم أهل الخيمة، و حرب لمن حاربهم، وَ وليٌّ لمن والاهم، لايُحبّهم إلّا سعيد الجدّ[13] ، طيب المولد، و لا يبغضهم إلّا شقيّ الجدّ، ردي ء الولادة».

قال رجل: يا زيد، أنت سمعت منه؟ قال: إي، و ربّ الکعبة.[14] .

13- و عنه أيضاً، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «من أحبّ أن يحيا حياتي، و يموت مماتي، و يسکن جنّة الخلد الّتي و عدني ربّي، و إنّ ربّي غرس قضبانها بيده، فليوال عليّ بن أبي طالب، فإنّه لن يخرجکم من هدي،

[صفحه 217]

و لن يدخلکم في ضلالة».[15] .

14- و عنه أيضاً، عن أبي الزبير المکّي، قال: سمعت جابر بن عبداللَّه يقول: کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بعرفات، و عليّ عليه السلام تجاهه، فأومأ إليَّ و إلي عليّ عليه السلام فأتيناه، فقال: «ادنُ منّي يا عليّ»، فدنا عليّ منه، فقال: «اطرح خمسک في خمسي» يعني کفّک في کفّي «يا عليّ، أنا و أنت من شجرة، أنا اُصلها، و أنت فرعها، و الحسن و الحسين أغصانها، فمن تعلّق بغصن من أغصانها أدخله اللَّه تعالي الجنّة. يا عليّ، لو أنّ اُمّتي صاموا حتّي يکونوا کالحنايا، و صلّوا حتّي يکونوا کالأوتار، ثمّ أبغضوک، لأکبّهم اللَّه تعالي في النار».[16] .

15- و روي ابن الصباغ المالکي، عن (معالم العترة النبوية): مرفوعاً إلي فاطمة عليهاالسلام قالت: خرج علينا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله عشيّة عرفة، فقال: «إنّ اللَّه باهي بکم و غفر لکم عامّة، و لعليّ خاصّة، و إنّي رسول اللَّه غير محابٍ لقرابتي، إنّ السعيد کلّ السعيد من أحبّ عليّاً في حياته و بعد موته».[17] .

16- و عنه أيضاً، عن الطبراني، بسنده عن فاطمة عليهاالسلام عين الحديث السّابق و زاد في ذيله: «إنّ الشّقي کلّ الشقّي من أبغض عليّاً في حياته و بعد مماته».[18] .

17- و روي الخوارزمي، عن الحسن البصري، عن عبداللَّه، قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «إذا کان يوم القيامة يقعد عليّ بن أبي طالب عليه السلام علي الفردوس، و هو جبل قد علا علي الجنّة، و فوقه عرش ربّ العالمين، و من سفحه تنفجر أنهار الجنّة، وتتفرّق في الجنان، و هو جالس علي کرسيّ من نور، يجري بين يديه

[صفحه 218]

التسنيم، لا يجوز أحد الصرّاط إلّا و معه براءة بولايته، و ولاية أهل بيته، يشرف علي الجنّة فيدخل محبّيه الجنّة، و مبغضيه النّار».[19] .

18- و روي المحبّ الطبري، عن قيس بن أبي حازم، قال: التقي أبوبکر و علي بن أبي طالب عليه السلام فتبسّم أبوبکر في وجه عليّ عليه السلام فقال له: «مالک تبسّمت؟».

قال: سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: «لا يجوز أحد الصّراط إلّا من کتب له عليٌّ عليه السلام الجواز».[20] .

[صفحه 219]



صفحه 214، 215، 216، 217، 218، 219.





  1. نزهة المجالس، ج 2، ص 208.
  2. الفردوس، ج 2، ص 142، ح 2723.
  3. الفردوس، ج 2، ص 142، ح 2722.
  4. الفردوس، ج 2، ص 142، ح 2725.
  5. ترجمة الإمام عليّ من تاريخ دمشق، ج 2، ص 212، ح 707.
  6. تاريخ بغداد، ج 3، ص 161؛ کفاية الطالب، ص 325.
  7. النساء، 145.
  8. ترجمة الإمام عليّ من تاريخ دمشق، ج 2، ص 253، ح 767.
  9. المصدر السابق، ج 2، ص 234، ح 738.
  10. فرائد السمطين، ج 1، ص 129، ح 91؛ الفصول المهمة، ص 127.
  11. المصدر السابق، ج 1، ص 134، ح 97.
  12. المصدر السابق، ج 2، ص 25، ح 366.
  13. الجدّ: الحظّ.
  14. المصدر السابق، 2، ص 373.
  15. المصدر السابق، ج 1، ص 55، ح 20.
  16. المصدر السابق، ج 1، ص 51، ح 16.
  17. الفصول المهمة لابن الصباغ المالکي، ص 125.
  18. المصدر السابق، ص 125.
  19. المناقب للخوارزمي، ص 31.
  20. ذخائر العقبي، ص 71.