علي أحبُّ الناس إلي رسول اللَّه
و لإطلاع القاري ء المحترم علي هذا الحبّ الشديد نشير إلي بعض ما ورد في هذا المقام. [صفحه 199] 1- في المناقب لابن المغازلي بإسناده عن إياس بن سلمة، عن أبيه- في حديث طويل في خيبر- قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «لاُعطينّ الرّاية اليوم رجلاً يحبّ اللَّه و رسوله و يحبّه اللَّه و رسوله» فجئت بعليّ عليه السلام أقوده و هو أرمد حتّي أتيت به النبيّ صلي الله عليه و آله فبصق في عينيه فبرئ، ثمّ أعطاه الرّاية.[2] . 2- و في تاريخ دمشق: بإسناده عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: کان أحبّ النساء لرسول اللَّه صلي الله عليه و آله فاطمة، و من الرّجال عليّ عليه السلام.[3] . 3- و فيه أيضاً عن جميع،[4] عن عائشة، قال:دخلت عليها مع اُمّي و أنا غلام، فذکرت لها عليّاً، فقالت عائشة: ما رأيت رجلاً کان أحبّ إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله منه، و لا امرأة أحبّ إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من امرأته.[5] . 4- و فيه أيضاً عن عبداللَّه بن العبّاس، قال: کنت أنا و أبي العبّاس بن عبدالمطلّب جالسين عند رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، إذ دخل عليّ بن أبي طالب عليه السلام فسلّم فرّد عليه و بشّ به- يعني سُرّ به- و قام إليه فاعتنقه، و قبّل بين عينيه، و أجلسه عن يمينه، فقال العبّاس: يا رسول اللَّه، أتحبّ هذا؟ فقال النبيّ صلي الله عليه و آله: «يا عمّ رسول اللَّه، و اللَّه للَّه أشدّ حبّاً له منّي، إنّ اللَّه جعل ذريّة کلّ نبيّ في صلبه، و جعل ذرّيتي في صلب هذا».[6] . [صفحه 200] 5- و قال ابن عبد ربّه: لمّا مات الحسن بن عليّ عليهماالسلام حجّ معاوية، فدخل المدينة، و أراد أن يلعن عليّاً علي منبر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فقيل له: إنّ هاهنا سعد بن أبي وقاص، و لا نراه يرضي بهذا، فابعث إليه و خذ رأيه، فأرسل إليه و ذکر له ذلک، فقال: إن فعلت لأخرجنّ من المسجد ثمَّ لا أعود إليه، فأمسک معاوية (لعنة اللَّه) عن لعنه عليه السلام حتّي مات سعد، فلمّا مات لعنه علي المنبر، و کتب إلي عمّاله أن يلعنوه عليه السلام علي المنابر ففعلوا! فکتبت اُمّ سلمة زوج النبيّ صلي الله عليه و آله إلي معاوية: إنّکم تلعنون اللَّه و رسوله علي منابرکم، و ذلک أنّکم تلعنون عليّ بن أبي طالب و من أحبّه!! و أنا أشهد أنّ اللَّه أحبّه و رسوله. فلم يلتفت معاوية إلي کلامها.[7] . 6- و في تاريخ دمشق بسنده عن معاوية بن ثعلبة، قال: أتي رجل أبا ذرّ و هو جالس في مسجد النبيّ صلي الله عليه و آله، فقال: يا أبا ذرّ، ألا تخبرني بأحبّ الناس إليک؟ فإنّي أعرف أنّ أحبّهم إليک أحبّهم إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله. قال: إي و ربّ الکعبة، إنّ أحبّهم إليّ أحبّهم إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله و هو ذاک الشيخ. و أشار إلي عليّ عليه السلام و هو يصلّي أمامه.[8] . 7- و فيه أيضاً بسنده عن ابن أخي زيد بن أرقم، قال: دخلت علي اُمّ سلمة زوج النبيّ صلي الله عليه و آله، فقالت: ممّن أنت؟ قلت: من أهل الکوفة. قالت: من الّذين يسبّ فيهم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله. قلت: لا و اللَّه- يا أمة- ما سمعت أحداً يسبّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله. قالت: بلي و اللَّه إنّهم يقولون: فعل اللَّه بعليّ و من يحبّه!! و قد کان و اللَّه [صفحه 201] رسول اللَّه يحبّه.[9] . و في خبر آخر...قالت: بلي أليس يلعنون عليّاً، و يلعنون مَن يحبّه؟ و کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يحبّه.[10] . 8- و فيه أيضاً بسنده عن ابن بريدة- سليمان بن بريدة- عن أبيه، قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «أمرني اللَّه تعالي بحبّ أربعة، و أخبرني أنّه يحبّهم، إنّک يا عليّ منهم، إنّک يا عليّ منهم، إنّک يا عليّ منهم».[11] . 9- و روي فيه بسنده عن أبي عبداللَّه الجدلي، قال: دخلت علي اُمّ سلمة، فقالت: يا أبا عبداللَّه، أيسبّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فيکم و أنتم أحياء؟ قال: قلت: سبحان اللَّه و أنّي يکون هذا؟! قالت: أليس يسبّ عليّ و من يحبّه؟ قلت: بلي. قالت: أليس کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يحبّه.[12] . نعم لقد کان هدف معاويه من کلّ ما مرّ سلب الحبّ الّذي ثبت في قلوب المؤمنين- حبّ أميرالمؤمنين عليه السلام- و محاولة إثبات قربه و حبّه هو في القلوب، لکنّ القلوب المؤمنة الّتي تربّت علي حبّ عليّ عليه السلام أبت أن تنصاع لحيل معاوية، فبقيت علي العهد جيلاً بعد جيل، و بقي حبّ عليّ عليه السلام و موالاة أهل بيته- رغم کلّ محاولات الطمس و التغيير و التحريف- شامخاً علي طول التاريخ، و ما کان ذلک من الأعداء إلّا کغمامة صيف لا تلبث أن تنجلي لتظهر الشمس- شمس الحقيقة- [صفحه 202] و تبقي القلوب متعطّشه لحبّهم عليهم السلام، فالشمس لا تُحجب بغربال، قال تعالي: «فَأمّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً و أمّا ما يَنفعُ النّاسُ فَيَمکُثُ في الأرْضِ».[13] . [صفحه 203]
يستفاد من مجموع الأخبار و الآثار أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قد أشار في مواضع متعددة و مواطن مختلفة، في الحرب و السلم، في الحضر و السفر،إلي أن عليّاً عليه السلام کان أحبّ النّاس إليه، و لا يکون هذا الإشعار لمحبّة نفسانية أو لقربه إليه لأنّه صلي الله عليه و آله «لا يَنطقُ عَنِ الهَوي إنْ هُوَ إلّا وحيٌ يُوحي» بل أراد من خلال إظهار محبّته له لفت أنظار النّاس إليه، و ليفهم النّاس و يعلموا أنّ عليّاً عليه السلام هو أقرب النّاس إليه قرباً معنوياً مؤثراً في هداية النّاس، قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «أنا المنذر، و عليّ الهادي»[1] فعليّ عليه السلام أحقّ بمقام الوصاية و الولاية من غيره، و يشعر النّاس أنّه لا يقوم مقام رسول اللَّه صلي الله عليه و آله مثل عليّ عليه السلام، و للأسف نسي بعد رسول اللَّه کلّما ذکره صلي الله عليه و آله لهم في حقّة و ترکوه وحيداً فريداً، و اتّجهو إلي باب غيره، فبايعوه، و جري ما جري؟!!
صفحه 199، 200، 201، 202، 203.