ابوه أبوطالب
و تُوفّي أبوطالب قبل الهجرة بثلاث سنين، و بعد خروجهم من الشعب، و عمره بضع و ثمانون سنة، فعظمت المصيبة علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بوفاته و وفاة خديجة. فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «ما نالت قريش منّي شيئاً أکرهه حتي مات أبوطالب» و ذلک أن قريشاً وصلوا من أذاه بعد موت أبي طالب إلي ما لم يکونوا يصلون إليه في حياته حتي إن بعضهم نثر التراب علي رأسه، و بعضهم طرح عليه رحم الشاة و هو يصلي، و کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يخرج ذلک علي العود و يقول: أيّ جوار هذا يا بني عبد مناف! ثمّ يلقيه بالطريق.[2] . [صفحه 29] و کان للنبيّ صلي الله عليه و آله تعلّق شديد بأبي طالب، فقد عاش في کنفه )43( عاماً منذ الثامنة من عمره حينما توفي عبدالمطلّب، و قد نشأ في حجر أبي طالب و کبر في بيته. و کان أبوطالب موحّداً مؤمناً باللَّه و معتقداً بالإسلام أرسخ الاعتقاد، و يدلّ علي إيمانه أشعاره التي قالها في مدح الرسول صلي الله عليه و آله و إثبات عقيدة التوحيد و الدفاع عن مبادي ء الإسلام، فضلاً عن ذبّه و کفاحة من أجل إعلاء کلمة الاسلام و حماية رسوله صلي الله عليه و آله و قد بقي علي حاله هذه حتّي وافاه الأجل، و إنّما أخفي إيمانه ليتمکّن أن يکون له شأن و اتصال مع کفّار مکّه، و ليطلع علي مکائدهم و مؤامراتهم، فکان يعيش حالة التقيّة، و کان مَثله کأصحاب الکهف في قومهم و کمؤمن آل فرعون، و هو ممّن آتاهم اللَّه أجرهم مرّتين: لإيمانه و تقيّته. و ممّا يدل علي إسلامه و إيمانه جملة اُمور نذکر بعضاً منها:
قال ابن الصباغ المالکي: و اسم أبي طالب عبد مناف، و کنيته أبوطالب، و يلقب شيخ البطحاء، و کان ولد أبوطالب طالباً و لا عقب له، و عقيلاً و جعفراً، و علياًعليه السلام، و کل واحد أسنّ من الآخر بعشر سنين. و أمّ هاني، و اسمها فاختة، و اُمّهم جميعاً فاطمه بنت أسد.[1] .
صفحه 29.