زينة الزهد











زينة الزهد



4191- رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: يا عليّ، إنّ اللَّه تعالي قد زيّنک بزينة لم تُزيّن العبادُ بزينة أحبّ إلي اللَّه تعالي منها؛ هي زينة الأبرار عند اللَّه عزّ وجلّ: الزهد في الدنيا، فجعلک لا ترزأ[1] من الدنيا شيئاً، ولا تزرأ الدنيا منک شيئاً، ووهب لک حبّ

[صفحه 161]

المساکين، فجعلک ترضي بهم أتباعاً، ويرضون بک إماماً[2] .

4192- عنه صلي الله عليه و آله: يا عليّ، إنّ اللَّه قد زيّنک بزينة لم يَتزيّن العبادُ بزينة أحبّ إلي اللَّه منها؛ الزهد في الدنيا، فجعلک لا تَنال من الدنيا شيئاً، ولا تَنال الدنيا منک شيئاً، ووهب لک حبّ المساکين، فرضوا بک إماماً، ورضيت بهم أتباعاً، فطوبي لمن أحبّک وصدّق فيک، وويلٌ لمن أبغضک وکذب عليک؛ فأمّا الذين أحبّوا وصدّقوا فيک فهم جيرانک في دارک، ورفقاؤک في قصرک، وأمّا الذين أبغضوک وکذبوا عليک فحقّ علي اللَّه أن يوقفهم موقف الکذّابين يوم القيامة[3] .

4193- عنه صلي الله عليه و آله- لعليّ عليه السلام-: إنّ اللَّه زيّنک بزينة لم يزيّن العباد بشي ء أحبّ إلي اللَّه منها، ولا أبلغ عنده منها؛ الزهد في الدنيا، وإنّ اللَّه قد أعطاک ذلک، جعل الدنيا لا تَنال منک شيئاً، وجعل لک من ذلک سيماء تعرف بها[4] .

4194- الإمام عليّ عليه السلام- في کتابه إلي عامله علي البصرة عثمان بن حنيف-: ألا وإنّ لکلّ مأموم إماماً يقتدي به، ويستضي ء بنور علمه، ألا وإنّ إمامکم قد اکتفي من دنياه بطِمرَيه،[5] ومن طُعمه بقُرصَيه، ألا وإنّکم لا تقدرون علي ذلک، ولکن

[صفحه 162]

أعينوني بورعٍ واجتهاد، وعفّةٍ وسداد. فوَاللَّه ماکنزتُ من دنياکم تِبراً،[6] ولا ادّخرتُ من غنائمها وَفْراً،[7] ولا أعددتُ لبالي ثوبي طِمراً.

بلي! کانت في أيدينا فدک من کلّ ما أظلّته السماء، فشَحّت عليها نفوس قومٍ، وسخت عنها نفوس قوم آخرين، ونِعْمَ الحکمُ اللَّه. وما أصنعُ بفدک وغير فدک، والنفسُ مظانُّها في غدٍ جَدَث، تنقطعُ في ظلمته آثارها، وتغيبُ أخبارها، وحفرةٌ لو زِيدَ في فُسحتها، وأوسعت يَدا حافرها، لأضغطها الحجر والمدر، وسَدّ فُرجها التراب المتراکم.

وإنّما هي نفسي أروضها بالتقوي؛ لتأتي آمنةً يوم الخوف الأکبر، وتثبتُ علي جوانب المزلق....

ولو شئتُ لاهتديتُ الطريق إلي مصفّي هذا العسل، ولُبابِ هذا القمح، ونَسائج هذا القزّ، ولکن هيهاتَ أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلي تَخيّر الأطعمة، ولعلّ بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطاناً وحولي بُطونٌ غرثي وأکبادٌ حرّي، أو أکون کما قال القائل:


وحَسبُکَ داءً أن تَبيتَ بِبِطنةٍ
وحَولُک أکبادٌ تَحِنُّ إلي القِدِّ


أأقنع من نفسي بأن يقال: هذا أميرالمؤمنين، ولا اُشارکهم في مکاره الدهر، أو أکون اُسوةً لهم في جشوبة العيش! فما خُلقتُ ليشغلني أکل الطيّبات، کالبهيمة المربوطة؛ همّها علفها، أو المُرسَلة؛ شغلها تَقمُّمها، تکترش من أعلافها، وتلهو

[صفحه 163]

عمّا يُراد بها، أو اُترک سديً، أو اُهمل عابثاً، أو أجرّ حبل الضلالة، أو أعتسفُ طريق المتاهة!...

إليکِ عنّي يا دنيا، فحبلکِ علي غاربکِ، قد انسللتُ من مخالبکِ، وأفلَتُّ من حبائلکِ، واجتنبتُ الذهاب في مداحضِک، أين القرون الذين غَررتِهم بمَداعبک! أين الاُمم الذين فتنتِهم بزَخارفکِ! فها هم رهائن القبور، ومضامين اللحود.

واللَّه لو کنتِ شخصاً مرئيّاً، وقالباً حسّيّاً، لأقمتُ عليکِ حدود اللَّه في عبادٍ غررتِهم بالأماني، واُمم ألقيتِهم في المهاوي، وملوکٍ أسلمتِهم إلي التلف، وأوردتِهم موارد البلاء، إذ لا ورد ولا صدر!

هيهات! من وَطئ دَحضکِ زَلق، ومن رکب لججک غرق، ومن ازوَرَّ عن حبائلکِ وُفّق، والسالم منک لا يُبالي إن ضاق به مناخُه، والدنيا عنده کيومٍ حان انسلاخُه. اعزُبي عنّي! فوَاللَّه لا أذلّ لک فتستذلّيني، ولا أسلسُ لک فتقوديني. وايم اللَّه- يميناً استثني فيها بمشيئة اللَّه- لأروضنّ نفسي رياضةً تهشُّ معها إلي القرص إذا قدرت عليه مطعوماً، وتقنعُ بالملح مأدوماً، ولَأدعنّ مقلتي کعين ماء نضب معينُها، مستفرغةً دموعها.

أتمتلئ السائمة من رعيها فتبرک، وتشبع الربيضة من عشبها فتربض. ويأکل عليٌّ من زاده فيهجع؟! قرّت إذاً عينه إذا اقتدي- بعد السنين المتطاولة- بالبهيمة الهاملة، والسائمة المرعيّة.

طوبي لنفسٍ أدّت إلي ربّها فرضَها، وعَرَکت[8] بجنبها بؤسها، وهجرت في

[صفحه 164]

الليل غُمضَها، حتي إذا غلب الکَري عليها افترشَت أرضَها، وتَوسّدت کفّها، في معشرٍ أسهر عيونَهم خوفُ معادهم، وتجافَت عن مضاجعهم جنوبُهم، وهَمهَمت بذِکر ربّهم شفاهُهم، وتقشّعت بطول استغفارهم ذنوبهم؛ «أُوْلَل-ِکَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَآ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»[9] .

فاتّقِ اللَّه يابن حنيف، ولتکفُف أقراصُک، ليکون من النار خلاصُک[10] .

4195- عنه عليه السلام: واللَّه ما دنياکم عندي إلّا کسفر علي منهل حلّوا، إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا، ولا لذاذَتها في عيني إلّا کحميم أشربه غسّاقاً، وعلقم اتجرّعه زُعاقاً، وسمّ أفعي اُسقاه دهاقاً، وقلادة من نارٍ اُوهقها[11] خناقاً.

ولقد رَقعتُ مِدرعتي هذه حتي استحييتُ من راقعها، وقال لي: اقذف بها قذف الاُتُن، لا يرتضيها ليرقعها. فقلت له: اغرُب عنّي فعند الصباح يحمد القوم السري،[12] وتنجلي عنّا علالات الکري.

ولو شئت لتسربلت بالعبقريُ المنقوش من ديباجکم، ولَأکلتُ لُبابَ هذا البُرّ بصدور دجاجکم، ولشربتُ الماء الزلال برقيق زجاجکم، ولکنّي اُصدّق اللَّه جلّت عظمته حيث يقول: «مَن کَانَ يُرِيدُ الْحَيَوةَ الدُّنْيَا وَ زِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَلَهُمْ فِيهَا وَ هُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ × أُوْلئکَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْأَخِرَةِ إِلَّا

[صفحه 165]

النَّارُ»[13] .

فکيف أستطيع الصبر علي نار لو قذفت بشررةٍ إلي الأرض لأحرقت نبتَها! ولو اعتصمت نفس بقُلّة لأنضجها وهج النار في قُلّتها! وأيّما خير لعليّ أن يکون عند ذي العرش مقرّباً، أو يکون في لظي خسيئاً مُبعداً مسخوطاً عليه بجُرمه مکذّباً![14] .

4196- عنه عليه السلام: دنياکم هذه أزهد عندي من عفطةِ عنز[15] .

4197- عنه عليه السلام: واللَّه لَدنياکم هذه أهون في عيني من عُراقِ[16] خنزيرٍ في يدِ مجذوم[17] .

4198- عنه عليه السلام: إنّ دنياکم عندي لأهون من ورقةٍ في فم جرادةٍ، تَقضِمُها، ما لعليٍّ ولنعيم يفني، ولذّةٍ لا تبقي![18] .

4199- عنه عليه السلام- حين عزموا علي بيعة عثمان-: واللَّه لاُسلمنّ ما سَلمت اُمور المسلمين ولم يکن فيها جور إلّا عليَّ خاصّة؛ التماساً لأجر ذلک وفضله، وزهداً

[صفحه 166]

فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه[19] .

4200- المحاسن عن حبّة العرني: اُتي أميرالمؤمنين عليه السلام بخِوان[20] فالوذج، فوُضع بين يديه، فنظر إلي صفائه وحسنه، فوَجأ بإصبعه فيه حتي بلغ بأسفله، ثمّ سلّها ولم يأخذ منه شيئاً، وتلمّظ إصبعه، وقال: إنّ الحلال طيّب، وما هو بحرام، ولکنّي أکره أن اُعوّد نفسي ما لم اُعوّدها، ارفعوه عنّي، فرفعوه[21] .

4201- شرح الأخبار عن الزهري: لقد بلغنا أنّه [عليّ عليه السلام] اشتهي کبداً مشويّة علي خبزة لبنة،[22] فأقام حولاً يشتهيها. ثمّ ذکر ذلک الحسن عليه السلام يوماً وهو صائم، فصنعها له،فلمّا أراد أن يفطر قرّبها إليه، فوقف سائل بالباب، فقال: يا بنيّ احملها إليه؛لا تُقرأ صحيفتنا غداً «أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَتِکُمْ فِي حَيَاتِکُمُ الدُّنْيَا وَ اسْتَمْتَعْتُم بِهَا»[23] [24] .

4202- الإمام عليّ عليه السلام- حين رُئي عليه إزار خَلق مرقوع فقيل له في ذلک-: يخشع له القلب، وتذلّ به النفس، ويقتدي به المؤمنون. إنّ الدنيا والآخرة عدوّان متفاوتان، وسبيلان مختلفان، فمن أحبّ الدنيا وتولّاها أبغض الآخرة وعاداها، وهما بمنزلة المشرق والمغرب وماشٍ بينهما؛ کلّما قرب من واحد بعد من الآخر، وهما بعد ضرّتان[25] .

[صفحه 167]

4203- الزهد عن أبي النوار بيّاع الکرابيس: أتاني عليّ بن أبي طالب عليه السلام ومعه غلام له، فاشتري منّي قميصَي کرابيس، ثمّ قال لغلامه: اختَر أيّهما شئت. فأخذ أحدهما، وأخذ عليّ عليه السلام الآخر، فلبسه، ثمّ مدّ يده، ثمّ قال: اقطع الذي يفضل من قدر يدي، فقطعه، وکفّه فلبسه ثمّ ذهب[26] .

4204- الإمام عليّ عليه السلام: واللَّه لقد رقعت مدرعتي هذه حتي استحييت من راقعها، ولقد قال لي قائل: ألا تَنبذها عنک؟ فقلت: اغرب عنّي، فعند الصباح يحمد القوم السُّري[27] .

4205- تاريخ دمشق عن العلاء: خطب عليّ عليه السلام، قال: أيّها الناس، واللَّه الذي لا إله إلّا هو، ما رزأتُ من مالکم قليلاً ولا کثيراً إلّا هذه- وأخرج قارورةً من کُمّ قميصه فيها طيب، فقال: أهداها إليَّ دهقان-[28] .

4206- الإمام الصادق عليه السلام: ما اعتلج علي عليّ عليه السلام أمران للَّه قطّ إلّا أخذ بأشدّهما، وما زال عندکم يأکل ممّا عملت يده، يؤتي به من المدينة. وإن کان ليأخذ السويق فيجعله في الجراب، ثمّ يختم عليه؛ مخافة أن يزاد فيه من غيره. ومن کان أزهد في الدنيا من عليّ عليه السلام![29] .

[صفحه 168]

4207- عنه عليه السلام: حدّثني محمّد بن عليّ بن الحسين عليه السلام قال: لمّا تجهّز الحسين عليه السلام إلي الکوفة أتاه ابن عبّاس، فناشده اللَّه والرحم أن يکون هو المقتول بالطفّ، فقال: [أنا أعرف][30] بمصرعي منک، وما وکدي من الدنيا إلّا فراقها.

ألا اُخبرک يابن عبّاس بحديث أميرالمؤمنين عليه السلام والدنيا؟ فقال له: بلي،لعمري إنّي لاُحبّ أن تحدّثني بأمرها.

فقال أبي: قال علي بن الحسين عليه السلام: سمعت أباعبداللَّه عليه السلام يقول: حدّثني أميرالمؤمنين عليه السلام، قال: إنّي کنت بفدک في بعض حيطانها، وقد صارت لفاطمة عليهاالسلام- قال:- فإذا أنا بامرأة قد قَحمت عليّ وفي يدي مسحاة وأنا أعمل بها، فلمّا نظرت إليها طار قلبي ممّا تداخلني من جمالها، فشبّهتها ببثينة بنت عامر الجمحي- وکانت من أجمل نساء قريش-. فقالت: يابن أبي طالب، هل لک أن تتزوّج بي فاُغنيک عن هذه المسحاة، وأدلّک علي خزائن الأرض،فيکون لک الملک ما بقيت ولعقبک من بعدک؟ فقال لها علي عليه السلام: من أنتِ حتي أخطبکِ من أهلک؟ فقالت: أنا الدنيا. قال لها: فارجعي واطلبي زوجاً غيري، وأقبلتُ علي مسحاتي، وأنشأت أقول:


لقد خاب من غَرّتْهُ دنيا دنيّةً
وما هيَ إن غَرّتْ قروناً بنائلِ


أتَتنا علي زِيِّ العزيز بثينة
وزينتها في مثل تلک الشَّمائلِ


فقلت لها غُرّي سوايَ فإنّني
عَزوفٌ عن الدنيا ولستُ بجاهلِ


وما أنا والدنيا فإنّ محمّداً
اُحلّ صريعاً بين تلکَ الجَنادلِ


وهَبْها أتَتْني بالکُنوز ودُرِّها
وأموال قارون وملک القَبائلِ

[صفحه 169]

أليسَ جَميعاً للفناءِ مَصيرُها
ويطلبُ من خُزّانها بالطَّوائلِ


فغُرِّي سِوايَ إنّني غيرُ راغبٍ
بما فيکِ من مُلکٍ وعِزٍّ ونائلِ


فقد قنعت نفسي بما قد رُزقته
فشَأنکِ يا دُنيا وأهلَ الغَوائلِ


فإنّي أخاف اللَّه يوم لقائهِ
وأخشي عذاباً دائماً غير زائلِ[31] .


فخرج من الدنيا وليس في عنقه تبعة لأحد، حتي لقي اللَّه محموداً غير ملوم ولا مذموم، ثمّ اقتدت به الأئمّة من بعده بما قد بلغکم، لم يتلطّخوا بشي ء من بوائقها، عليهم السلام أجمعين، وأحسن مثواهم[32] .

4208- المناقب لابن شهر آشوب- في الإمام علي عليه السلام-: سأله أعرابي شيئاً، فأمر عليه السلام له بألف، فقال الوکيل: من ذهبٍ أو فضّة؟ فقال عليه السلام: کلاهما عندي حجران، فأعطِ الأعرابي أنفعهما له[33] .

4209- الکامل في التاريخ: إنّه [ عليّاً عليه السلام ] أخرج سيفاً له إلي السوق، فباعه، وقال: لو کان عندي أربعة دراهم ثمنَ إزار لم أبِعه.

وکان لا يشتري ممّن يعرفه، وإذا اشتري قميصاً قدّر کمّه علي طول يده وقطع الباقي[34] .

4210- مکارم الأخلاق عن مجمع: إنّ عليّاً عليه السلام أخرج سيفه، فقال: من يرتهن سيفي هذا؟ أما لو کان لي قميص ما رهنتُه. فرهنه بثلاثة دراهم، فاشتري قميصاً

[صفحه 170]

سنبلانيّاً، کمّه إلي نصف ذراعيه، وطوله إلي نصف ساقيه[35] .

4211- خصائص الأئمّة عليهم السلام: قال [ عليّ ] عليه السلام يوماً علي منبر الکوفة: «من يشتري منّي سيفي هذا، ولو أنّ لي قوت ليلة ما بعتُه»، وغلّة صدقته تشتمل حينئذٍ علي أربعين ألف دينار في کلّ سنة[36] .

4212- الإمام الحسن عليه السلام- بعد شهادة أبيه عليه السلام-: ما ترک علي أهل الأرض صفراء ولا بيضاء إلّا سبعمائة درهم؛ فضلتْ من عطاياه، أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله[37] .

4213- الاستيعاب: قد ثبت عن الحسن بن عليّ عليهماالسلام من وجوه أنّه قال: لم يترک أبي إلّا ثمانمائة درهم أو سبعمائةٍ فضلت من عطائه، کان يعدّها لخادم يشتريها لأهله. وأمّا تقشّفه في لباسه ومَطعمه فأشهَر[38] .

4214- مروج الذهب: قال بعضهم: ترک لأهله مائتين وخمسين درهماً،

[صفحه 171]

ومصحفه، وسيفه[39] .

4215- مقتل الإمام أميرالمؤمنين عن قبيصة بن جابر: ما رأيت أزهد في الدنيا من عليّ بن أبي طالب عليه السلام[40] .

4216- الکامل في التاريخ عن الحسن بن صالح: تذاکروا الزهّادَ عند عمر بن عبدالعزيز، فقال عمر: أزهدُ الناس في الدنيا عليّ بن أبي طالب عليه السلام[41] .

4217- شرح نهج البلاغة: وهو الذي کان يکنس بيوتَ الأموال، ويصلّي فيها. وهو الذي قال: يا صفراء ويا بيضاء غرّي غيري. وهو الذي لم يخلّف ميراثاً، وکانت الدنيا کلّها بيده إلّا ما کان من الشام[42] .

4218- شرح نهج البلاغة: أمّا الزهد في الدنيا فهو سيّد الزهّاد، وبدل الأبدال، وإليه تُشدّ الرحال، وعنده تنفض الأحلاس، ما شبع من طعام قطّ، وکان أخشن الناس مأکلاً وملبساً.

قال عبداللَّه بن أبي رافع: دخلت إليه يوم عيد، فقدّم جراباً مختوماً، فوجدنا فيه خبز شعير يابساً مرضوضاً، فقُدّم، فأکل. فقلت: يا أمير المؤمنين، فکيف تختمه؟ قال: خفتُ هذين الولدَين أن يلُتّاه[43] بسمن أو زيت.

[صفحه 172]

وکان ثوبه مرقوعاً بجلدٍ تارة، وليف اُخري، ونعلاه من ليف. وکان يلبس الکرباس الغليظ، فإذا وجد کُمّه طويلاً قطعه بشفرة، ولم يُخِطه، فکان لا يزال متساقطاً علي ذراعيه حتي يبقي سديً لا لُحْمَة له.

وکان يأتدم- إذا ائتدم- بخلّ أو بملح، فإن ترقّي عن ذلک فبعض نبات الأرض، فإن ارتفع عن ذلک فبقليل من ألبان الإبل. ولا يأکل اللحم إلّا قليلاً، ويقول: «لا تجعلوا بطونکم مقابر الحيوان». وکان مع ذلک أشدّ الناس قوّةً، وأعظمهم أيداً،[44] لا ينقض الجوع قوّته، ولا يُخوِّن[45] الإقلال منّته.

وهو الذي طلّق الدنيا، وکانت الأموال تُجبي إليه من جميع بلاد الإسلام إلّا من الشام، فکان يفرّقها ويمزّقها، ثمّ يقول:


هذا جنايَ وخيارُه فيه
إذ کُلّ جانٍ يَده إلي فيه[46] [47] .


راجع: الخصائص العمليّة/إمام المستضعفين.



صفحه 161، 162، 163، 164، 165، 166، 167، 168، 169، 170، 171، 172.





  1. ما رَزَأْنا منه: ما نَقَصْنا منه شيئاً، ولا أخذنا (النهاية: 218:2).
  2. حلية الأولياء:71:1، ذخائر العقبي: 179، شواهد التنزيل: 548:517:1 نحوه إلي «المساکين» وکلّها عن عمّار.
  3. تاريخ دمشق: 281:42 و ص 282 نحوه، اُسد الغابة: 3789:96:4، المعجم الأوسط: 2157:337:2، المناقب للخوارزمي: 126:116 کلاهما نحوه، المناقب لابن المغازلي: 148:106، الفردوس: 8311:319:5 نحوه وکلاهما إلي «منک شيئاً»؛ الأمالي للطوسي: 303:181، بشارة المصطفي: 98، شرح الأخبار: 87:151:1 والثلاثة الأخيرة نحوه وکلّها عن عمّار، روضة الواعظين: 479 وفيه إلي «من الدنيا شيئاً».
  4. المحاسن: 1046:454:1، مشکاة الأنوار: 560:207 کلاهما عن أبي أيّوب الأنصاري.
  5. الطِّمْر: الثوب الخَلَق (النهاية: 138:3).
  6. التِّبْر: هو الذهب والفضّة قبل أن يُضربا دنانير ودراهم، وقد يطلق التِّبْر علي غيرهما من المعدنيّات؛ کالنحاس والحديد والرصاص، وأکثر اختصاصه بالذهب (النهاية: 179:1).
  7. الوَفْر: المال الکثير (النهاية: 210:5).
  8. عرک البعيرُ جنبَه بمرفقه: إذا دلکه فأثّر فيه (النهاية: 222:3).
  9. المجادلة: 22.
  10. نهج البلاغة: الکتاب 45.
  11. الوَهَق: حبل کالطِّوَل؛ تُشدّ به الإبل والخيل لئلّا تنِدّ (النهاية: 233:5).
  12. عند الصباح يحمد القوم السُّري: مثلٌ يُضربُ للرجل يحتمل المشقّة رجاء الراحة (مجمع الأمثال: 2382:318:2).
  13. هود: 15 و 16.
  14. الأمالي للصدوق: 988:718 عن المفضّل بن عمر عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام.
  15. نهج البلاغة: الخطبة 3، معاني الأخبار: 1:362، علل الشرائع: 12:151، الإرشاد: 289:1 والثلاثة الأخيرة عن ابن عبّاس، الأمالي للطوسي: 803:374 عن زرارة عن الإمام الباقر عليه السلام عن ابن عبّاس وعن الإمام الباقر عن أبيه عن جدّه عنه عليهم السلام، نثر الدرّ: 275:1 وفيه «أهون» بدل «أزهد».
  16. العَرْق: العظم إذا اُخذ عنه معظم اللحم، وجمعه: عُراق (النهاية: 220:3).
  17. نهج البلاغة: الحکمة 236.
  18. نهج البلاغة: الخطبة 224، الأمالي للصدوق: 988:722 عن المفضّل بن عمر عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام عنه عليه السلام وفيه «ولذّةٍ تنتجها المعاصي» بدل «ولذّةٍ لا تبقي»؛تذکرة الخواصّ: 156 عن ابن عبّاس وفيه إلي «جرادة».
  19. نهج البلاغة: الخطبة 74.
  20. الخِوَان: هو ما يوضع عليه الطعام عند الأکل (النهاية: 89:2).
  21. المحاسن: 1502:178:2، المناقب لابن شهر آشوب: 99:2 نحوه.
  22. کذا في المصدر، ولعلّ الصحيح: «ليّنة».
  23. الأحقاف: 20.
  24. شرح الأخبار: 720:362:2.
  25. نهج البلاغة: الحکمة 103، خصائص الأئمّة عليهم السلام: 96.
  26. الزهد لابن حنبل: 165، فضائل الصحابة لابن حنبل: 911:5441، اُسد الغابة: 3789: 97:4، شرح نهج البلاغة: 235:9؛ عوالي اللآلي: 109:278:1 کلاهما نحوه.
  27. نهج البلاغة: الخطبة 160، مجمع البيان: 133:9، غرر الحکم: 7345، إرشاد القلوب: 19، المناقب لابن شهر آشوب: 101:2 نحوه وفيها «اعزب» بدل «اغرب».
  28. تاريخ دمشق: 480:42، حلية الأولياء: 81:1 نحوه، البداية والنهاية: 2:8، کنز العمّال: 36510:168:13؛ خصائص الأئمّة عليهم السلام: 79 نحوه وراجع أنساب الأشراف: 372:2 وحلية الأولياء: 53:9.
  29. الغارات: 81:1؛ شرح نهج البلاغة: 201:2 کلاهما عن معاوية بن عمّار.
  30. ما بين المعقوفين سقط من المصدر وأثبتناه من بحارالأنوار.
  31. وقع تصحيف في بعض الألفاظ فصحّحناها من بحارالأنوار.
  32. کشف الريبة: 89، بحارالأنوار: 77:362:75 وراجع المناقب لابن شهر آشوب: 102:2.
  33. المناقب لابن شهر آشوب: 118:2.
  34. الکامل في التاريخ: 443:2، البداية والنهاية: 3:8، تاريخ دمشق: 482:42 کلاهما عن مجمع التيمي، المناقب للخوارزمي: 135:121 عن مجمع التميمي وفيها إلي «لم أبِعه».
  35. مکارم الأخلاق: 733:247:1.
  36. خصائص الأئمّة عليهم السلام: 79 وراجع المناقب لابن شهر آشوب: 72:2.
  37. المستدرک علي الصحيحين: 4802:189:3 عن عمر بن عليّ عن أبيه الإمام زين العابدين عليه السلام، مسند ابن حنبل: 1720:426:1، فضائل الصحابة لابن حنبل: 922:548:1 کلاهما عن عمرو بن حبشي و ص 926:549 عن الشعبي وکلّها نحوه، مروج الذهب: 426:2 کلاهما من دون إسنادٍ إلي المعصوم، المصنّف لابن أبي شيبة: 42:502:7، الطبقات الکبري: 38:3، المعجم الکبير: 2719:79:3 و ص 2723:80 والأربعة عن هبيرة بن يريم، مسند البزّار: 1341:180:4 عن أبي رزين؛ الکافي: 8:457:1 عن أبي حمزة عن الإمام الباقر عنه عليهماالسلام، الأمالي للطوسي: 501:270 عن أبي الطفيل، الأمالي للصدوق: 510:397 عن حبيب بن عمرو وکلاهما نحوه، الإرشاد: 8:2 عن أبي إسحاق وغيره، مسائل عليّ بن جعفر: 818:328 عن عمر بن عليّ عليه السلام.
  38. الاستيعاب: 1875:211:3 وراجع مسند البزّار: 1340:179:4 ومسندأبي يعلي:6725:169:6.
  39. مروج الذهب: 426:2.
  40. مقتل أميرالمؤمنين: 98:108، المناقب للخوارزمي: 137:122.
  41. الکامل في التاريخ: 443:2، تاريخ دمشق: 489:42، مقتل أمير المؤمنين: 99:108 عن الحسن بن حيّ نحوه، المناقب للخوارزمي: 128:117 عن الحارث بن حصيرة وفيه «ما علمنا أنّ أحداً کان في هذه الاُمّة بعد النبيّ صلي الله عليه و آله أزهد من عليّ بن أبي طالب عليه السلام».
  42. شرح نهج البلاغة: 22:1 وراجع شرح الأخبار: 717:361:2.
  43. لَتَّ السَّويقَ والأقِطَ ونحوهما يَلُتُّهُ: جَدَحَه، وقيل: بَسَّهُ بالماء ونحوه (تاج العروس: 124:3).
  44. الأيْدُ والآدُ: القوّة (لسان العرب: 76:3).
  45. التَّخَوُّن: التنقُّص (لسان العرب: 145:13).
  46. هذا مثل، أراد أنّه لم يتلطّخ بشي ء من في ء المسلمين بل وضعه مواضعه (النهاية: 310:1).
  47. شرح نهج البلاغة: 26:1.