كمال الإيثار











کمال الإيثار



4184- الإمام زين العابدين عليه السلام: إن أول من شري نفسه ابتغاء رضوان الله علي بن أبي طالب عليه السلام، وقال علي عليه السلام عند مبيته علي فراش رسول الله صلي الله عليه و آله:


وقيت بنفسي خير من وطأ الحصي
ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر


رسول إله خاف أن يمکروا به
فنجاه ذو الطَّولِ الإله مِن المَکر


وباتَ رسولُ اللَّهِ في الغارِ آمِناً
مُوقّيً وفي حِفظِ الإلهِ وفي سِتر


وبُتُّ اُراعِيهمْ ولم يَتْهَمونَنِي
وقَد وطَّنتُ نَفسي علَي القَتلِ والأسِر[1] .


4185- اُسد الغابة عن أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي: رأيت في بعض الکتب

[صفحه 158]

أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لمّا أراد الهجرة خلّف عليّ بن أبي طالب عليه السلام بمکّة؛ لقضاء ديونه، وردِّ الودائع التي کانت عنده، وأمَره ليلة خرج إلي الغار- وقد أحاط المشرکون بالدار- أن ينام علي فراشه، وقال له: اتّشِح[2] ببردي الحضرمي الأخضر؛فإنّه لا يخلص إليک منهم مکروه إن شاء اللَّه تعالي. ففعل ذلک.

فأوحي اللَّه إلي جبرئيل وميکائيل عليهماالسلام: إنّي آخيت بينکما، وجعلت عمْر أحدکما أطول من عمر الآخر، فأيّکما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختارا کلاهما الحياة، فأوحي اللَّه عزّ وجلّ إليهما: أ فلا کنتما مثل عليّ بن أبي طالب؛ آخيتُ بينه وبين نبيّي محمّد فبات علي فراشه يفديه بنفسه، ويؤثره بالحياة. اهبطا إلي الأرض؛ فاحفظاه من عدوّه. فنزلا، فکان جبرئيل عند رأس عليّ عليه السلام، وميکائيل عند رجليه، وجبريل ينادي: بَخٍ بَخٍ، من مثلک يابن أبي طالب يباهي اللَّه عزّ وجلّ به الملائکة!!

فأنزل اللَّه عزّ وجلّ علي رسوله صلي الله عليه و آله- وهو متوجّه إلي المدينة- في شأن عليّ عليه السلام: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ»[3] [4] .

4186- مجمع البيان عن أبي الطفيل: اشتري عليّ عليه السلام ثوباً، فأعجبه، فتصدّق به وقال: سمعتُ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: من آثر علي نفسه آثره اللَّه يوم القيامة بالجنّة،

[صفحه 159]

ومن أحبّ شيئاً فجعله للَّه قال اللَّه تعالي يوم القيامة: قد کان العباد يکافئون فيما بينهم بالمعروف، وأنا اُکافيک اليوم بالجنّة[5] .

4187- الإمام الصادق عليه السلام: کان عليّ عليه السلام أشبه الناس طعمةً وسيرةً برسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وکان يأکل الخبز والزيت، ويُطعم الناس الخبز واللحم[6] .

4188- شرح نهج البلاغة: روي عنه أنّه کان يسقي بيده لنخلِ قومٍ من يهود المدينة حتي مَجلَت[7] يدُه، ويتصدّق بالاُجرة، ويشدّ علي بطنه حجراً[8] .

راجع: القسم التاسع/عليّ عن لسان القرآن/الذي يشري نفسه ابتغاء مرضاة اللَّه. القسم الثاني/الإيثار الرائع ليلة المبيت.



صفحه 158، 159.





  1. المستدرک علي الصحيحين: 4264:5:3، المناقب للخوارزمي: 141:127، شواهد التنزيل: 141:130:1 و 142 کلّها عن حکيم بن جبير، تذکرة الخواصّ: 35 عن ابن عبّاس من دون إسنادٍ إلي المعصوم؛ المناقب للکوفي: 69:124:1 عن ليث، الأمالي للطوسي: 1031:468 عن عبيداللَّه بن أبي رافع، الفصول المختارة: 59، المناقب لابن شهر آشوب: 60:2، الديوان المنسوب إلي الإمام عليّ عليه السلام: 207:280 وفي الأربعة الأخيرة الأبيات فقط.
  2. التَّوشُّح بالرداء: هو أن يُدخل الثوب من تحت يده اليمني فيلقيه علي منکبه الأيسر؛ کما يفعل المحرم (لسان العرب: 633:2).
  3. البقرة: 207.
  4. اُسد الغابة: 3789:98:4، تذکرة الخواصّ: 35 عن ابن عبّاس، إحياء علوم الدين: 379:3، شواهد التنزيل: 133:123:1 عن أبي سعيد الخدري؛ الأمالي للطوسي: 1031:469 عن أبي يقظان، تنبيه الخواطر: 173:1،الفضائل لابن شاذان: 81، إرشاد القلوب: 224 عن أبي سعيد الخدري، کشف الغمّة:310:1 وليس في السبعة الأخيرة صدره،خصائص الوحي المبين: 62:92.
  5. مجمع البيان: 792:2.
  6. الکافي: 176:165:8 وج 3:328:6، المحاسن: 1901:279:2 وزاد فيه «والخلّ» بعد «الخبز» وليس فيهما «سيرة»، تنبيه الخواطر: 148:2 کلّها عن زيد بن الحسن، المناقب لابن شهر آشوب: 99:2 عن الإمام الباقر عليه السلام نحوه وليس فيه صدره وراجع الغارات: 85:1 وشرح نهج البلاغة: 200:2.
  7. مَجَلَت يدُه ومَجِلَت: إذا ثَخُن جلدها وتعجّر، وظهر فيها ما يُشبه البَثْر؛ من العمل بالأشياء الصلبة الخشنة (النهاية: 300:4).
  8. شرح نهج البلاغة: 22:1؛ بحارالأنوار: 144:41.