اعظم الناس حلماً











اعظم الناس حلماً



4165- رسول اللَّه صلي الله عليه و آله- لفاطمة عليهاالسلام-: زوّجتک أقدم اُمّتي سلماً، وأکثرهم علماً، وأعظمهم حلماً[1] .

[صفحه 150]

4166- عنه صلي الله عليه و آله: عليٌّ... أعلم الناس علماً، وأحلم الناس حلماً[2] .

4167- عنه صلي الله عليه و آله: يا عليّ، أنت أفضل اُمّتي فضلاً، وأقدمهم سلماً، وأکثرهم علماً، وأوفرهم حلماً[3] .

4168- المستدرک علي الصحيحين عن أبي يحيي: نادي رجل من الغالين عليّاً عليه السلام وهو في الصلاة- صلاة الفجر- فقال: «وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْکَ وَ إِلَي الَّذِينَ مِن قَبْلِکَ لَل-ِنْ أَشْرَکْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُکَ وَ لَتَکُونَنَّ مِنَ الْخَسِرِينَ»[4] .

فأجابه عليّ عليه السلام وهو في الصلاة: «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لَا يَسْتَخِفَّنَّکَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ»[5] [6] .

4169- شرح نهج البلاغة عن زرارة بن أعين عن أبيه عن الإمام الباقر عليه السلام: کان عليّ عليه السلام إذا صلّي الفجر لم يزَل معقّباً إلي أن تطلع الشمس، فإذا طلعت اجتمع إليه

[صفحه 151]

الفقراء والمساکين وغيرهم من الناس، فيُعلّمهم الفقهَ والقرآن.

وکان له وقت يقوم فيه من مجلسه ذلک، فقام يوماً فمرّ برجل، فرماه بکلمة هجر- قال: لم يُسمِّه محمّد بن عليّ عليه السلام- فرجع عوده علي بدئه حتي صعد المنبر، وأمر فنودي الصلاة جامعة، فحمد اللَّه وأثني عليه وصلّي علي نبيّه ثمّ قال:

أيّها الناس، إنّه ليس شي ء أحبّ إلي اللَّه ولا أعمّ نفعاً من حلم إمام وفقهه، ولا شي ء أبغض إلي اللَّه ولا أعمّ ضرراً من جهل إمام وخُرقه،[7] ألا وإنّه من لم يکن له من نفسه واعظ لم يکن له من اللَّه حافظ، ألا وإنّه من أنصف من نفسه لم يزِده اللَّه إلّا عزّاً، ألا وإنّ الذلّ في طاعة اللَّه أقرب إلي اللَّه من التعزّز في معصيته.

ثمّ قال: أين المتکلّم آنفاً! فلم يستطِع الإنکار، فقال: ها أنذا يا أميرالمؤمنين.

فقال: أما إنّي لو أشاء لقلتُ. فقال: إن تعفُ وتصفح فأنت أهل ذلک. قال: قد عفوتُ وصفحتُ.

فقيل لمحمّد بن عليّ عليه السلام: ما أراد أن يقول؟ قال: أراد أن ينسبه[8] .

4170- شرح نهج البلاغة: أمّا الحلم والصفح، فکان أحلم الناس عن ذنب، وأصفحهم عن مسي ء. وقد ظهر صحّة ما قلناه يوم الجمل؛ حيث ظفر بمروان بن الحکم- وکان أعدي الناس له، وأشدّهم بغضاً- فصفح عنه.

وکان عبد اللَّه بن الزبير يشتمه علي رؤوس الأشهاد، وخطب يوم البصرة فقال: قد أتاکم الوغد اللئيم عليّ بن أبي طالب. وکان عليّ عليه السلام يقول: ما زال الزبير

[صفحه 152]

رجلاً منّا أهل البيت حتي شبّ عبد اللَّه، فظفر به يوم الجمل، فأخذه أسيراً، فصفح عنه، وقال: اذهب، فلا أرينّک. لم يزِده علي ذلک.

وظفر بسعيد بن العاص- بعد وقعة الجمل- بمکّة- وکان له عدوّاً- فأعرض عنه، ولم يقُل له شيئاً.

وقد علمتم ما کان من عائشة في أمره، فلمّا ظفر بها أکرمها، وبعث معها إلي المدينة عشرين امرأة من نساء عبد القيس، عمّمهنّ بالعمائم، وقلّدهنّ بالسيوف، فلمّا کانت ببعض الطريق ذکرَتْه بما لا يجوز أن يذکر به، وتأفّفت، وقالت: هتک ستري برجاله وجنده الذين وکلهم بي. فلمّا وصلت المدينة ألقي النساء عمائمهنّ، وقلن لها: إنّما نحن نسوة.

وحاربه أهل البصرة، وضربوا وجهه ووجوه أولاده بالسيوف، وشتموه، ولعنوه، فلمّا ظفر بهم رفع السيف عنهم، ونادي مناديه في أقطار العسکر: ألا لا يُتبع مولٍّ، ولا يُجهز علي جريح، ولا يُقتل مستأسر، ومن ألقي سلاحه فهو آمن، ومن تحيّز إلي عسکر الإمام فهو آمن. ولم يأخذ أثقالهم، ولا سبي ذراريهم، ولا غنم شيئاً من أموالهم، ولو شاء أن يفعل کلّ ذلک لفعل، ولکنّه أبي إلّا الصفح والعفو،وتقيّل سنّةَ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يوم فتح مکّة؛ فإنّه عفا والأحقاد لم تبرد، والإساءة لم تُنسَ[9] .

راجع: القسم الخامس/السياسة الأمنيّة/الرفق ما لم يکن تأمراً.

القسم السادس/وقعة الجمل/بعد الظفر.

وقعة النهروان/مسير المارقين إلي النهروان، وصبر الإمام علي أذاهم ورفقه بهم.

وقعة النهروان/القتال/سياسة الإمام في الجرحي والغنائم.

[صفحه 153]



صفحه 150، 151، 152، 153.





  1. مسند ابن حنبل: 20329:288:7، المعجم الکبير: 538:230:20 وفيه «أحلمهم» بدل «أعظمهم» وکلاهما عن معقل بن يسار و ج 156:94:1، المصنّف لعبد الرزّاق: 9783:490:5 وفيهما «أوّل أصحابي» بدل «أقدم اُمّتي»، المصنّف لابن أبي شيبة: 68:505:7، أنساب الأشراف: 354:2 والأربعة الأخيرة عن أبي إسحاق، تاريخ دمشق: 8496:126:42 عن معقل و ص 8505:132 عن أنس و ح 8506 عن عائشة و ح 8504، فضائل الصحابة لابن حنبل: 1346:7642 کلاهما عن بريدة وفي الثلاثة الأخيرة «أفضلهم» بدل «أعظمهم»، الاستيعاب: 1875:203:3 نحوه؛ الخصال: 16:412، الأمالي للطوسي: 256:154 کلاهما عن أبي أيّوب، الإرشاد: 36:1 عن أبي سعيد الخدري، کمال الدين: 10:263 عن سلمان الفارسي، المناقب للکوفي: 193:279:1 عن بکر بن عبداللَّه المزني.
  2. المناقب لابن المغازلي: 188:151، المناقب للخوارزمي: 279:290 کلاهما عن ابن عبّاس، تاريخ دمشق: 8503:131:42 عن بريدة؛ الأمالي للطوسي: 1254:607 عن سلمان وفيهما «أعلمهم علماً وأحلمهم حلماً»، الفضائل لابن شاذان: 102 عن ابن عبّاس.
  3. الأمالي للصدوق: 77:101 عن مقاتل بن سليمان عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام، روضة الواعظين: 115.
  4. الزمر: 65.
  5. الروم: 60.
  6. المستدرک علي الصحيحين: 4704:158:3، السنن الکبري: 3327:348:2، تفسير الطبري: 11:الجزء 59:21 عن عليّ بن ربيعة وقتادة، تاريخ الطبري: 73:5 عن القاسم بن الوليد و ص 74 عن أبي رزين وکلاهما نحوه، البداية والنهاية: 282:7 عن الشافعي وفي الأربعة الأخيرة «الخوارج» بدل «الغالين» وراجع المصنّف لابن أبي شيبة: 11:731:8.
  7. الخُرْق: الجهل والحمق (لسان العرب: 75:10).
  8. شرح نهج البلاغة: 109:4؛ بحارالأنوار: 132:41.
  9. شرح نهج البلاغة: 22:1.