عبدالمسيح الأنطاكي











عبدالمسيح الأنطاکي[1]



.

4082- شاعر مسيحي، يقول:


ومذ أتت أحمد الهادي نبوّته
کان الوصيّ بإيمان ملاقيها


فقد رأي الأسني يضي ءُ علي
محمدٍ وهْو يخفيه ليخفيها


وکان يسمع جبريلاً يشافههُ
بها وآياتها الزهراء يوحيها


من قبل سبع سنينٍ من ظهور رسو
ل اللَّه بالدعوة الناجي ملبّيها


وکان حيدرةٌ ما طرَّ شاربهُ
في زهرة العمر يستجلي حوافيها


أعوامه لم تکن إلّا ثلاثة عش
-رةَ بملقي الهدي قد کان طاويها


إذ ذاک قد رضي الإسلامُ مُتّبعاً
خُطي أبي القاسم المأمون قافيها


وقد تعبّد للخلّاق قبل جمي
-عِ الناس في إثر خير الخلق تجريها


وإنّ أهل الهدي قد کان أوّلها
طه وکان عليّ البرّ ثانيها[2] .


إلي أن قال:


آخي الصحابُ مع الأنصار متّخذاً
لکلّ ذاتٍ بهم ذاتاً تصافيها

[صفحه 99]

إلّا عليّاً فلم يذکر له أحداً
لذي الاُخوّة في عالي معانيها


فجاءه سائلاً والدمع منبجسٌ
من عينه وبه سالت مآقيها


وقال: أين أخي حتّي اُخادنه؟
فقال: خلَّتُنا ماضٍ تآخيها


ألم اُواخِک قبلاً عند هجرتنا
وعندما دعوتي ناديت راضيها


إنّي أخوک بذي الدنيا وأنت أخي
وفي الجنان إذا ما رحت ثاويها


وقال: من کنت مولاه فأنت لهُ
مولي وصيّة حقّ جئت اُوصيها


وکان ذلک بين الناس أجمعها
ووسْطَ مجلس مکّيها وطَيْبِيها


کذاک کان عليٌّ للرسول أخاً
علي الشدائد ما تدهي دواهيها


وکان يحمل في الميدان رايته
وفوق أنصاره الأخيار يعليها


وکان صاحبه يفضي إليه بما
في نفسه من رغاب کان ينويها


فما غزا غزوة طه بسؤدده
إلّا وحيدرة المقدام غازيها


ولا ندا ندوة للمسلمين بها
إلّا وحيدرةٌ من مستشاريها


ولا أراد لخير الدين مسألةٌ
إلّا وحيدرةٌ قد هبّ يجريها


کذاک کان وزير المصطفي ببنا
أساس دولته مذ همّ يبنيها


فقل لمن رام أن يخفي فضيلتهُ
هيهات فالشمس لا يخفي تلاليها


وقل لمن رام [أنْ][3] يدنو لرتبتهِ
أهون عليک الثريّا أن تدانيها[4] .


ثمّ قال:


والعرب تطلب أکفاء تزوّجهم
بناتها سنّةٌ تأبي تعدّيها


وکلّ عقد بغير الکف ء تحسبهُ
عاراً عليها لدي الأقران يخزيها

[صفحه 100]

فمن يليق ببنت المصطفي حسباً؟
ومَنْ مِنَ العَرَبِ العَرْباء کافيها؟


ومن يناسب طه کي يصاهرهُ؟
وهي المصاهرة المسعود ملقيها


غير العليّ ربيب المصطفي ولهُ
سبق الهداية مذ نادي مناديها


فإنّه بعد طه خير من ولدت
قريشُ منذ برا الباري ذراريها


وإنّه بطل الإسلام تعرفه
تلک الحروب التي أمسي مجلّيها


وأعلم الناس بالشرع المشرَّف بع
د المصطفي وأجلُّ الناس تفقيها


وأطهر الناس نيّاتٍ وأطيبها
قلباً إذا ما أردنا أن نجاهيها[5] .


وأبلغ الناس أقوالاً وأفصحها
خطابةً وهو ينشيها ويلقيها


وأزهد الناس في الدنيا وزخرفها
وأبعد الناس عن مغري ملاهيها


وأرحب الناس صدراً بالعفاة إذا
وافته ما في يديه کان يوليها


هذا العميد المفدّي کف ءُ فاطمةٍ
وخير ندٍّ لها من دون أهليها


لذلک اختاره ربّ السماء لها
بعلاً وأمست به الدنيا تهنّيها[6] .



صفحه 99، 100.





  1. عبدالمسيح الأنطاکي الحلبي: ولد في أنطاکية-في سورية- من أبوين مسيحيّين، ونشأ في حلب الشهباء، وعاش بين المسلمين وتأثّر بهم وتربّي علي أيديهم، ومنهم العلّامة عبدالرحمن الکواکبي الذي کان يدعو إلي إنشاء دولة عربيّة موحّدة مستقلّة ذات سيادة ومنفصلة عن الشرق والغرب. سافر إلي الخليج الفارسي بعد الحرب العالميّة الثانية، ونزل علي الشيخ خزعل خان أمير المحمّرة آنذاک، وأصبح معلّماً لأولاده. ولد سنة (1291 ه) وتوفّي سنة (1341 ه) (ملحمة الإمام عليّ: 5).
  2. ملحمة الإمام عليّ: 64.
  3. الزيادة منّا لتتميم العبارة، والظاهر أنّه سقط مطبعي.
  4. ملحمة الإمام عليّ: 94.
  5. أجهت السماء: انکشفت وأضحَت (تاج العروس: 300:19).
  6. ملحمة الإمام عليّ: 103.