ابن أبي الحديد











ابن أبي الحديد[1]



.

4048- من جهابذة العلماء وأثبات المؤرخين في القرن السابع، يقول:


کأن ظبات المشرفية[2] من کري
فما يبتغي إلا مقر المحاجر


فلا تحسبن الرعد رجس غمامة
ولکنه من بعض تلک الزماجر[3] .


ولا تحسبن البرق نارا فإنه
وميض أتي من ذي الفقار بفاقر[4] .

[صفحه 59]

ولا تحسبن المزن تهمي[5] فإنها
أناء له تهمي بأوطف[6] هامر[7] .


تعاليت عن مدح فأبلغ خاطب
بمدحک بين الناس أقصر قاصر[8] .


4049- وله أيضا:


فلولا أناة في ابن عمک جعجعت[9] .
بعضبک[10] أجري من دم القوم أبحرا


ولکن سر الله شطر فيکما
فکنت لتسطو ثم کان ليغفرا


وردت حنينا والمنايا شواخص
فذللت من أرکانها ما توعرا


فکم من دم أضحي بسيفک قاطرا
بها من کمي قد ترکت مقطرا


وکم فاجر فجرت ينبوع قلبه
وکم کافر في الترب أضحي مکفرا


وکم من رؤوس في الرماح عقدتها
هناک لأجسام محللة العرا


وأعجب إنسانا من القوم کثرة
فلم يغن شيئا ثم هرول مدبرا


وضاقت عليه الأرض من بعد رحبها
وللنص حکم لا يدافع بالمرا


وليس بنکر في حنين فراره
ففي احد قد فر خوفا وخيبرا


رويدک إن المجد حلو لطاعم
غريب فإن مارسته ذقت ممقرا


وماکل من رام المعالي تحملت
مناکبه منها الرکام[11] الکنهورا[12] .

[صفحه 60]

تنح عن العلياء يسحب ذيلها
همام تردي بالعلي وتأزرا


فتي لم تعرق فيه تيم بن مرة
ولا عبداللات الخبيثة أعصرا


ولا کان معزولا غداة براءة
ولا عن صلاة أم فيها مؤخرا


ولا کان في بعض ابن زيد مؤمرا
عليه فأضحي لابن زيد مؤمرا


ولا کان يوم الغار يهفو جنانه
حذارا ولا يوم العريش تسترا


إمام هدي بالقرص آثر فاقتضي
له القرص رد القرص أبيض أزهرا


يزاحمه جبريل تحت عباءة
لها قيل: کل الصيد في جانب الفرا


حلفت بمثواه الشريف وتربة
أحال ثراها طيب رياه عنبرا


لأستنفذن العمر في مدحي له
وإن لامني فيه العذول فاکثرا[13] .


4050- وله أيضا:


يا برق إن جئت الغري فقل له
أتراک تعلم من بأرضک مودع


فيک ابن عمران الکليم وبعده
عيسي يقفيه وأحمد يتبع


بل فيک جبريل وميکال وإس
-رافيل والملأ المقدس أجمع


بل فيک نور الله جل جلاله
لذوي البصائر يستشف ويلمع


فيک الإمام المرتضي فيک الوصي
المجتبي فيک البطين الأنزع


الضارب الهام المقنع في الوغي
بالخوف للبهم[14] الکماة[15] يقنع

[صفحه 61]

والسمهرية[16] تستقيم وتنحني
فکأنها بين الأضالع أضلع


والمترع[17] الحوض المدعدع[18] حيث
لا واد يفيض ولا قليب[19] يترع


ومبدد الأبطال حيث تألبوا
ومفرق الأحزاب حيث تجمع


والحبر يصدع بالمواعظ خاشعا
حتي تکاد لها القلوب تصدع


حتي إذا استعر الوغي متلظيا
شرب الدماء بغلة[20] لا تنقع[21] .


متجلببا ثوبا من الدم قانيا
يعلوه من نقع[22] الملاحم برقع


زهد المسيح وفتکة الدهر الذي
أودي بها کسري وفوز تبع


هذا ضمير العالم الموجود عن
عدم وسر وجوده المستودع


هذي الأمانة لا يقوم بحملها
خلقاء هابطة وأطلس أرفع[23] .


تأبي الجبال الشم عن تقليدها
وتضج تيهاء وتشفق برقع[24] .


هذا هو النور الذي عذباته
کانت بجبهة آدم تتطلع[25] .

[صفحه 62]

4051- وله أيضا:


حلفت برب القعضبية[26] والقنا[27] ال
-مثقف والبيض الرقاق البواتر


وبالسابحات[28] السابقات کأنها
من الناشرات الفارقات الأعاصر


وعوج مرنات[29] وصفر صوائب
وفلک بآذي العباب مواخر


لقد فاز عبد للوصي ولاؤه
وإن شابه بالموبقات الکبائر


وخاب معاديه ولو حلقت به
قوادم فتخاء الجناحين کاسر


هو النبأ المکنون والجوهر الذي
تجسد من نور من القدس زاهر


وذو المعجزات الواضحات أقلها
الظهور علي مستودعات السرائر


ووارث علم المصطفي وشقيقه
أخا ونظيرا في العلي والأواصر


ألا إنما الإسلام لولا حسامه
کعفطة عنز أو قلامة حافر


ألا إنما التوحيد لولا علومه
کعرضة ضليل أو کنهبة کافر


ألا إنما الأقدار طوع يمينه
فبورک من وتر مطاع وقادر


فلو رکض[30] الصم الجلامد واطئا
لفجرها بالمترعات الزواخر


ولو رام کسف الشمس کور نورها
وعطل من أفلاکها کل دائر


هو الآية العظمي ومستنبط الهدي
وحيرة أرباب النهي والبصائر

[صفحه 63]

رمي الله منه يوم بدر خصومه
بذي فذذ[31] في آل بدر مبادر[32] .



صفحه 59، 60، 61، 62، 63.





  1. راجع: عليّ عن لسان الأعيان:ابن أبي الحديد.
  2. الظُّبا: حدّ السيف والسنان والنصل والخنجر وما أشبه ذلک (لسان العرب: 22:15) والمشرفيّة: نوع من السيوف تنسب إلي قرية في مشارف الشام (تاج العروس: 301:12).
  3. الزماجر: جمع زَمْجَرة؛ وهي الصوت، وخصّ بعضهم به الصوت من الجوف (لسان العرب: 329:4).
  4. فاقر: يوم من أيّام العرب، يجوز أن يکون افتقر فيه قوم، أو کسر فيه فقار قوم فسمّي بذلک (معجم البلدان: 232:4).
  5. هَمَتْ عينُه: صبّت دمعها وقيل سال دمعها (لسان العرب: 364/15).
  6. وسحاب الأوطف: قيل: هو الذي فيه استرخاء في جوانبه لکثرة الماء (لسان العرب: 358 -357:9).
  7. الهمّار: السحاب السيّال (لسان العرب: 266/5) والهامر: السائل.
  8. الروضة المختارة: 126.
  9. جعجع بالماشية: أي حبسها (لسان العرب: 51:8).
  10. العضب:السيف القاطع (لسان العرب: 609:1).
  11. الرکام: السحاب المتراکب بعضه فوق بعض (النهاية: 260:2).
  12. الکَنَهْوَر: العظيم من السحاب (النهاية: 206:4).
  13. الروضة المختارة: 106.
  14. البُهَم: جمع بُهْمَة- بالضمّ-: الشجاع. وقيل: هو الفارس الذي لايُدري من أين يؤتي له من شدّة بأسه (لسان العرب: 58:12).
  15. الکماة: جمع کَميّ؛ وهو الشجاع (القاموس المحيط: 383:4).
  16. السمهري: الرمح الصلب (القاموس المحيط: 52:2).
  17. أترعَ الحوضَ: ملأه (القاموس المحيط: 8:3).
  18. المدعدِع: من دعدعتُ الشي ء؛ ملأته (لسان العرب: 86:8).
  19. القليب: البئر التي لم تطو (النهاية: 98:4).
  20. الغُلّة: حرارة العطش (مجمع البحرين: 1331:2).
  21. ينقع به العطش: أي يروي (النهاية: 108:5).
  22. النَّقْع: الغبار الساطع (لسان العرب: 362:8).
  23. صخرة خلقاء: ليس فيها وَصْم ولا کسر (لسان العرب: 90:10). والأطلس: الفلک التاسع.
  24. فلاة تيهاء: مضلّة أي يتيه فيها الإنسان (لسان العرب: 482:13)، وبِرقِع السماء، ويريد بذلک قوله: «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ» الآية (الأحزاب: 72) ويريد بالأمانة، عليّ عليه السلام ومحبّته.
  25. الروضة المختارة: 136.
  26. القعضبيّة: الأسنّة نسبة إلي اسم رجل من بني قشير کان يعمل الأسنّة (تاج العروس: 334:2).
  27. القنا: الرمح (مجمع البحرين: 1518:3).
  28. السابحات: من قولهم فرسٌ سابحٌ: إذا کان حسن مدّ اليدين في الجري (النهاية: 332:2).
  29. العُوْج المُرِنّات: القِسيّ (انظر لسان العرب: 335:2 و ج 187:13).
  30. الرکض: الرفس بالرجل والإصابة بها (النهاية: 259:2).
  31. بذي فذذ: أي بسهم ذي فذذ؛ وهي جمع فذّة؛ وهي الواحدة من ريش السهم (هامش المصدر).
  32. الروضة المختارة: 122.