الصاحب بن عبّاد











الصاحب بن عبّاد[1]



.

4028- من جهابذة العلماء والاُدباء في القرن الرابع، يقول:


قالت: فمَن صاحب الدين الحنيف أجب؟
فقلت: أحمد خير السادة الرُّسلِ


قالت: فمن بعده تُصفي الولاء له؟
قلت: الوصيّ الذي أربي علي زُحلِ


قالت: فمن بات مِن فوق الفراش فديً؟

فقلت: أثبتُ خلق اللَّه في الوَهَلِ[2] .


قالت: فمن ذا الذي آخاه عن مقةٍ؟
فقلت: من حازَ ردَّ الشمس في الطَّفَلِ


قالت: فمن زوَّج الزَّهراء فاطمةُ؟
فقلت: أفضل من حافٍ ومُنتعلِ

[صفحه 43]

قالت: فمن والد السبطين إذ فرعا؟
فقلت: سابق أهل السبق في مَهلِ


قالت: فمن فاز في بَدرٍ بمعجزها؟
فقلت: أضرب خلق اللَّه في القُللِ


قالت: فمن أسد الأحزاب يفرسها؟
فقلت: قاتل عمرِو الضيغم البطلِ


قالت: فيوم حُنين مَن فرا وبَرا؟
فقلت: حاصدُ أهل الشِّرک في عجَلِ


قالت: فمن ذا دُعي للطَّير يأکله؟
فقلت: أقرب مَرضيٍّ ومُنتحلِ


قالت: فمن تلوه يوم الکساء أجب؟
فقلت: أفضل مَکسوٍّ ومُشتملِ


قالت: فمن ساد في يوم «الغدير» أبِنْ؟
فقلت: مَن کان للإسلام خير وليّ


قالت: ففي مَن أتي في هل أتي شرفٌ؟
فقلت: أبْذل أهل الأرض للنفَلِ


قالت: فمن راکعٌ زکّي بخاتمه؟
فقلت: أطعنهم مذ کان بالأسَلِ[3] .

قالت: فمن ذا قسيم النار يسهمها؟
فقلت: مَن رأيه أذکي من الشعلِ


قالت: فمن باهل الطهر النبيُّ بهِ؟
فقلت: تاليه في حلٍّ ومُرتحَلِ


قالت: فمن شبه هارون لنعرفهُ؟
فقلت: مَن لم يحل يوماً ولم يزلِ


قالت: فمن ذا غدا باب المدينة قل؟
فقلت: مَن سألوهُ وهو لم يَسلِ


قالت: فمن قاتل الأقوام إذ نکثوا؟
فقلت: تفسيره في وقعة الجملِ


قالت: فمن حاربَ الأرجاس إذ قسطوا؟
فقلت: صفِّين تُبدي صفحة العملِ


قالت: فمن قارعَ الأنجاس إذ مرَقوا؟
فقلت: معناه يوم النَّهروان جَلي


قالت: فمن صاحب الحوض الشريف غداً؟
فقلت: مَن بيته في أشرف الحللِ


قالت: فمن ذا لواء الحمد يحمله؟
فقلت: مَن لم يکن في الرَّوع بالوجلِ


قالت: أکلُّ الذي قد قلتَ في رجلٍ؟
فقلت: کلُّ الذي قد قلتُ في رجلِ

[صفحه 44]

قالت: فمن هو هذا الفرد سِمهُ لنا؟
فقلت: ذاک أميرالمؤمنين عليّ[4] .


4029- وله أيضاً:


بحبِّ عليٍّ تزول الشکوکُ
وتسمو النفوسُ ويعلو النِّجارُ


فأين رأيت محبّاً لهُ
فثمَّ الزکاء وثمَّ الفخارُ


وأين رأيت عدوّاً لهُ
ففي أصله نسب مستعارُ


فلا تعذلوه علي فِعلهِ
فحيطان دار أبيه قصارُ[5] .


4030- وله أيضاً:


أباحسن لو کان حبّک مدخلي
جحيماً فإنّ الفوز عندي جحيمُها


وکيف يخاف النار من هو مؤمن
بأنّ أميرالمؤمنين قسيمُها[6] .


4031- وله أيضاً:


حبُّ عليّ بن أبي طالبِ
أحلي من الشهدة للشاربِ


لا تقبل التوبة من تائبٍ
إلّا بحبّ ابن أبي طالبِ


أخي رسول اللَّه بل صهره
والصهر لا يعدل بالصاحبِ


يا قوم من مثل عليّ وقد
ردّت عليه الشمس من غائبِ[7] .


4032- وله أيضاً:


وقالوا: عليّ علا. قلت: لا
فإنّ العُلي بعليٍّ علا

[صفحه 45]

ولکن أقول کقول النبيّ
وقد جمع الخلق کلّ الملا


ألا إنّ من کنت موليً له
يوالي عليّاً وإلّا فلا[8] .


4033- وله أيضاً:


يا کفؤ بنت محمّدٍ لولاک ما
زُفَّت إلي بشرٍ مدي الأحقابِ


يا أصل عترة أحمدٍ لولاک لم
يکُ أحمدُ المبعوث ذا أعقابِ


وَاُفِئتَ بالحَسَنينِ خير ولادةٍ
قد ضُمِّنت بحقائق الأنجابِ


کان النبيُّ مدينة العلم التي
حوت الکمال وکنت أفضل بابِ


ردَّت عليک الشمس وهي فضيلةٌ
بهرت فلم تستر بلفِّ نقابِ


لم أحکِ إلّا ما روته نواصبٌ
عادتک وهي مباحة الأسلابِ[9] .


4034- وله أيضاً:


من کمولاي عليّ
والوغي تحمي لظاها


من يصيد الصيد فيها
بالظُّبي حين انتضاها[10] [11] .


4035- وله أيضاً:


من له في کلّ يوم
وَقَعات لا تضاهي؟


کم وکم حرب ضروسٌ
سدّ بالمرهف فاها؟


اذکروا أفعال بدر
لست أبغي ما سواها


اذکروا غزوة اُحْدٍ
إنّه شمس ضحاها

[صفحه 46]

اذکروا حرب حُنينٍ
إنّه بدرُ دجاها


اذکروا الأحزاب قِدْماً
إنّه ليث شَراها[12] .


اذکروا مهجة عمرو
کيف أفناها شجاها؟


اذکروا أمر براءهْ
وأخبروني من تلاها؟


اذکروا من زوّج الزه
-راء قد طاب ثراها


اذکروا بکرة طيرٍ
فلقد طار ثناها؟


اذکروا لي قلل العلم
ومَن حلّ ذراها


حاله حالة هارو
ن لموسي فافهماها


أعلي حبّ عليّ
لامني القوم سفاها؟!


أهملوا قرباه جهلاً
وتخطّوا مقتضاها


أوّل الناس صلاةً
جعل التقوي حلاها


ردّت الشمس عليه
بعدما غاب سناها


حجّة اللَّه علي الخل
قِ شقي من قد قلاها[13] .


4036- وله أيضاً:


أنا وجميع من فوق الترابِ
فداء تراب نعل أبي تراب[14] .


وله أيضاً:


قد لقّبوک أباتراب بعدما
باعوا شريعتهم بکفّ تراب[15] .

[صفحه 47]

وله أيضاً:


حبّ عليّ بن أبي طالب
فرض علي الشاهد والغائب[16] .


وله أيضاً:


لو فتّشوا قلبي رأوا وسطه
سطرين قد خُطّا بلا کاتب


حبّ عليّ بن أبي طالبٍ
وحبّ مولاي أبي طالب[17] .


راجع: کتاب «ديوان الصاحب بن عبّاد».



صفحه 43، 44، 45، 46، 47.





  1. هو أبوالقاسم إسماعيل بن أبي الحسن عبّاد بن العبّاس الطالقاني: ولد سنة (326 ه). نفسيّته من النفسيّات التي أعيت البليغ حدودها؛ فهي تستدعي الإفاضة في تحليلها من ناحية العلم طوراً، ومن ناحية الأدب تارة، کما تسترسل القول من وجهة السياسة مرّة ومن وجهة العظمة اُخري، إلي جود هامر وفضل وافر، وفضائل لا تحصي.

    وصفه شيخنا الحرّ العاملي بأنّه محقّق متکلّم عظيم الشأن جليل القدر، کما أنّ الثعالبي جعله أحد أئمّة اللغة الذين اعتمد عليهم في کتابه فقه اللغة. وقال السيّد في الدرجات الرفيعة: إنّ الصاحب قال قصيدة معرّاة من الألف التي هي أکثر الحروف دخولاً في المنثور والمنظوم، وهي في مدح أهل البيت عليهم السلام في سبعين بيتاً، فتعجّب الناس، وتداولتها الرواة، فسارت مسير الشمس في کلّ بلدة، فاستمرّ علي تلک الطريقة وعمل قصائد کلّ واحدة منها خالية من حرف واحد من حروف الهجاء وبقيت عليه واحدة تکون خالية من الواو. وتوفّي سنة (385 ه) بالرّي (راجع الغدير: 42:4).

  2. الوَهَل: الفزع (لسان العرب: 737:11).
  3. الأسَل: الرماح (لسان العرب: 15:11).
  4. الغدير: 40:4.
  5. ديوان الصاحب بن عبّاد: 15:95.
  6. ديوان الصاحب بن عبّاد: 197:275.
  7. أعيان الشيعة: 358:3، بشارة المصطفي: 147 نحوه، المناقب لابن شهر آشوب: 317:2 وليس فيهما البيت الأوّل.
  8. ديوان الصاحب بن عبّاد: 168:260، المناقب لابن شهر آشوب: 28:3.
  9. ديوان الصاحب بن عبّاد: 18:102، بحارالأنوار: 284:45 وفيه ثلاثة أبيات فقط.
  10. انتضي السيفَ: سلَّهُ من غمده (لسان العرب: 329:15).
  11. أعيان الشيعة: 359:3.
  12. الشَّري: موضع تنسب إليه الاُسْد (لسان العرب: 431:14).
  13. الغدير: 57:4 وراجع المناقب للخوارزمي: 210:174 وکفاية الطالب: 388 وتذکرة الخواصّ: 52.
  14. ديوان الصاحب بن عبّاد: 9:185.
  15. ديوان الصاحب بن عبّاد: 18:104.
  16. ديوان الصاحب بن عبّاد: 8:184.
  17. ديوان الصاحب بن عبّاد: 6:183.