النوادر











النوادر



4526- الخصال عن عامر الشعبي: تکلّم أميرالمؤمنين عليه السلام بتسع کلمات ارتجلهنّ ارتجالاً، فقأن عيون البلاغة، وأيتمن جواهر الحکمة، وقطعن جميع الأنام عن اللحاق بواحدة منهنّ؛ ثلاث منها في المناجاة، وثلاث منها في الحکمة، وثلاث منها في الأدب.

فأمّا اللّاتي في المناجاة، فقال: إلهي کفي لي عزّاً أن أکون لک عبداً. وکفي بي فخراً أن تکون لي ربّاً. أنت کما أحبّ فاجعلني کما تحبّ.

وأمّا اللّاتي في الحکمة، فقال: قيمة کلّ امرئ ما يحسنه. وما هلک امرؤ عرف قدره. والمرء مخبوّ تحت لسانه.

[صفحه 325]

وأمّا اللّاتي في الأدب، فقال: امننْ علي مَن شئت تکن أميره. واحتج إلي مَن شئت تکن أسيره. واستغنِ عمّن شئت تکن نظيره[1] .

4527- الإمام الصادق عليه السلام: کان أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه يقول إذا فرغ من الزوال:[2] .

اللهمّ إنّي أتقرّب إليک بجودک وکرمک، وأتقرّب إليک بمحمّدٍ عبدک ورسولک، وأتقرّب إليک بملائکتک المقرّبين وأنبيائک المرسلين وبک، اللهمّ أنت الغنيّ عنّي وبي الفاقة إليک، أنت الغنيّ وأنا الفقير إليک، أقَلتَني عثرتي، وسترتَ عليّ ذنوبي، فاقضِ لي اليوم حاجتي، ولا تعذّبني بقبيح ما تعلم منّي، بل عفوک وجودک يسعُني. قال: ثمّ يخرّ ساجداً ويقول:

يا أهل التقوي ويا أهل المغفرة، يا برّ يا رحيم، أنت أبرّ بي من أبي واُمّي ومن جميع الخلائق، اقبلني[3] بقضاء حاجتي مُجاباً دعائي، مرحوماً صوتي، قد کشفت أنواع البلايا عنّي[4] .

4528- الإمام عليّ عليه السلام- في الحکم المنسوبة إليه-: اللهمّ إن کنّا قد قصّرنا عن

[صفحه 326]

بلوغ طاعتک فقد تمسّکنا من طاعتک بأحبّها إليک، لا إله إلّا أنت جاءت بالحقّ من عندک[5] .

4529- عنه عليه السلام- حين الذبح-: وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض، حنيفاً مسلماً، وما أنا من المشرکين، إنّ صلاتي ونُسکي ومحياي ومماتي للَّه ربّ العالمين، لا شريک له، وبذلک اُمرتُ وأنا من المسلمين[6] .

4530- عنه عليه السلام: لمّا کان يوم خيبر بارزتُ مرحباً فقلت ما کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله علّمني أن أقوله: «اللهمّ انصرني ولا تنصر عليَّ، اللهمّ اغلب لي ولا تغلب عليَّ، اللهمّ تولّني ولا تولِّ عليَّ، اللهمّ اجعلني ذاکراً لک، شاکراً لک، راهباً لک، منيباً مطيعاً، اقتل أعداءک»، فقتلت مرحباً يومئذٍ، وترکت سلبه، وکنت أقتل ولا آخذ السلب[7] .

4531- عنه عليه السلام: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: ألا اُعلّمک دعاءً لا تنسي القرآن:

اللهمّ ارحمني بترک معاصيک أبداً ما أبقيتني، وارحمني من تکلّف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر[8] فيما يرضيک عنّي، وألزم قلبي حفظ کتابک کما علّمتني، وارزقني أن أتلوه علي النحو الذي يرضيک عنّي، اللهمّ نوّر بکتابک بصري، واشرح به صدري، وفرّح به قلبي، وأطلق به لساني، واستعمل به بدني، وقوّني علي ذلک وأعنّي عليه، إنّه لا معين عليه إلّا أنت، لا إله إلّا أنت[9] .

[صفحه 327]

4532- عنه عليه السلام: إلهي ارحمنا غرباء إذا تضمّنَتنا بطون لحودنا، وغُمَّت باللِّبن سقوف بيوتنا، واُضجعنا مساکين علي الأيمان في قبورنا، وخُلّفنا فرادي في أضيق المضاجع، وصَرَعَتنا[10] المنايا في أعجب المصارع، وصرنا في دار قوم کأ نّها مأهولة، وهي منهم بلاقع[11] [12] .

4533- عنه عليه السلام- في الحکم المنسوبة إليه-: أسألک بعزّة الوحدانيّة، وکرم الإلهيّة، أن لا تقطع عنّي برّک بعد مماتي، کما لم تزل تراني أيّام حياتي، أنت الذي تجيب من دعاک، ولا تخيّب من رجاک، ضلّ من يدعو إلّا إيّاک، فإنّک لا تحجب من أتاک، وتفضّل علي من عصاک، ولا يفوتک من ناواک، ولا يعجزک من عاداک، کلّ في قدرتک، وکلّ يأکل رزقک[13] .

4534- عنه عليه السلام- أيضاً-: اللهمّ إن فههتُ[14] عن مسألتي أو عمهتُ[15] عن طلبتي، فدلّني علي مصالحي، وخذ بناصيتي إلي مراشدي،اللهمّ احملني علي عفوک،

[صفحه 328]

ولا تحملني علي عدلک[16] .

4535- عنه عليه السلام: يا أفضل المنعمين في آلائه، وأنعم المفضلين في نعمائه، کثرت أياديک عندي فعجزت عن إحصائها، وضقت ذرعاً في شکري لک بجزائها، فلک الحمد علي ما أوليت، ولک الشکر علي ما أبليت، يا خير من دعاه داعٍ، وأفضل من رجاه راجٍ، بذمّة الإسلام أتوسّل إليک، وبحرمة القرآن أعتمد عليک، وبحقّ محمّد وآل محمّد أتقرّب إليک، فصلّ علي محمّد وآل محمّد، واعرف ذمّتي التي رجوت بها قضاء حاجتي، برحمتک يا أرحم الراحمين[17] .

4536- عنه عليه السلام- في الحکم المنسوبة إليه-: إلهي کيف لا يحسن منّي الظنّ وقد حسن منک المنّ؟! إلهي إن عاملتَنا بعدلک لم يبقَ لنا حسنة، وإن أنلتنا فضلک لم يبقَ لنا سيّئة[18] .

4537- عنه عليه السلام- أيضاً-: اللهمّ فرّغني لما خلقتني له، ولا تشغلني بما تکفّلت لي به، ولا تحرمني وأنا أسألک، ولا تعذّبني وأنا أستغفرک[19] .

4538- عنه عليه السلام: إلهي لو لم تهدِني إلي الإسلام ما اهتديت، ولو لم ترزقني الإيمان بک ما آمنت، ولو لم تطلق لساني بدعائک ما دعوت، ولو لم تعرّفني حلاوة معرفتک ما عرفت، ولو لم تبيّن لي شديد عقابک ما استجرت[20] .

[صفحه 329]

4539- عنه عليه السلام: إلهي، وعزّتک وجلالک! لقد أحببتک محبّة استقرّت حلاوتُها في قلبي، وما تنعقد ضمائر موحّديک علي أ نّک تبغض محبّيک[21] .

4540- عنه عليه السلام: إلهي لو طبقت ذنوبي ما بين السماء إلي الأرض، وخرقت النجوم، وبلغت أسفل الثري، ما ردّني اليأس عن توقّع غفرانک، ولا صرَفَني القنوط عن ابتغاء[22] رضوانک.

إلهي دعوتک بالدعاء الذي علّمتَنِيه، فلا تحرمني جزاءک الذي وعدتَنِيه، فمن النعمة أن هديتني لحسن دعائک، ومن تمامها أن توجب لي محمود جزائک[23] .

4541- عنه عليه السلام: إلهي جودک بسط أملي، وشکرک قبل عملي، فسرّني بلقائک عند اقتراب أجلي.

إلهي ليس اعتذاري إليک اعتذار من يستغني عن قبول عذره، فاقبل عذري، يا خير من اعتذر إليه المسيؤون.

إلهي لا تردّني في حاجة قد أفنيتُ عمري في طلبها منک، وهي المغفرة.

إلهي لو أردتَ إهانتي لم تهدني، ولو أردت فضيحتي لم تستُرني، فمتّعني بما له قد هديتني، وأدِم لي ما به سترتني.

إلهي ما وصفت من بلاء ابتليتَنِيه، أو إحسان أولَيتَنِيه، فکلّ ذلک بمنّک فعلتَه،

[صفحه 330]

وعفوک تمام ذلک إن أتمَمتَه.

إلهي لولا ما قرفتُ من الذنوب، ما فَرَقت[24] عقابک، ولولا ما عرفت من کرمک، ما رجوت ثوابک، وأنت أولي الأکرمين بتحقيق أمل الآملين، وأرحم من استرحم في تجاوزه عن المذنبين.

إلهي نفسي تُمنّيني بأ نّک تغفر لي، فأکرم بها اُمنية بشّرت بعفوک! وصدِّقْ بکرمک مبشّراتِ تمنّيها، وهب لي بجودک مدمّرات تجنّيها.

إلهي ألقَتني الحسنات بين جودک وکرمک، وألقتني السيّئات بين عفوک ومغفرتک، وقد رجوت أن لا يضيع بين ذَين وذَين مسي ءٌ ومحسنٌ.

إلهي إذا شهد لي الإيمان بتوحيدک، وانطلق لساني بتمجيدک، ودلّني القرآن علي فواضل جودک، فکيف لايبتهج رجائي بحسن موعودک؟! إلهي تتابع إحسانک إليّ يدلّني علي حسن نظرک لي، فکيف يشقي امرؤ حسن له منک النظر؟!

إلهي إن نظرت إليَّ بالهلکة عيونُ سخطتک، فما نامت عن استنقاذي منها عيون رحمتک.

إلهي إن عرّضني ذنبي لعقابک، فقد أدناني رجائي من ثوابک.

إلهي إن عفوتَ فبفضلک، وإن عذّبتَ فبعدلک، فيا من لا يُرجي إلّا فضله، ولا يُخاف إلّا عدله، صلِّ علي محمّد وآل محمّد، وامنن علينا بفضلک، ولا تستقصِ علينا في عدلک[25] .

[صفحه 331]

4542- عنه عليه السلام: إلهي إن کان قد دنا أجلي، ولم يقرِّبني منک عملي، فقد جعلت الاعتراف بالذنب إليک وسائل عللي،[26] فإن عفوت فمن أولي منک بذلک؟! وإن عذّبت فمن أعدل منک في الحکم هنالک؟!

إلهي إن جُرْت[27] علي نفسي في النظر لها، وبقي نظرک لها، فالويل لها إن لم تسلم به.إلهي إنّک لم تزل بي بارّاً أيّام حياتي، فلا تقطع برَّک عنّي بعد وفاتي.

إلهي کيف أيأس من حسن نظرک لي بعد مماتي، وأنت لم تولِّني إلّا الجميل في أيّام حياتي؟!

إلهي إنّ ذنوبي قد أخافتني، ومحبّتي لک قد أجارتني، فتولَّ من أمري ما أنت أهله،وعد بفضلک علي من غمره جهله، يا من لا تخفي عليه خافية، صلِّ علي محمّد وآل محمّد، واغفر لي ما قد خفي علي الناس من أمري.

إلهي سترتَ عليَّ في الدنيا ذنوباً، ولم تظهرها، وأنا إلي سترها يوم القيامة أحوج، وقد أحسنتَ بي إذ لم تظهرها للعصابة من المسلمين، فلا تفضحني بها يوم القيامة علي رؤوس العالمين[28] .

4543- عنه عليه السلام: إلهي أنت دللتني علي سؤال الجنّة قبل معرفتها، فأقبلت النفس بعد العرفان علي مسألتها، أ فتدلُّ علي خيرک السُّؤّال، ثمَّ تمنعهم النَّوال، وأنت

[صفحه 332]

الکريم المحمود في کلِّ ما تصنعه يا ذا الجلال والإکرام؟!

إلهي إن کنتُ غير مستوجب لما أرجو من رحمتک فأنت أهل التفضُّل عليَّ بکرمک، فالکريم ليس يصنع کلَّ معروف عند من يستوجبه[29] .

4544- عنه عليه السلام: إلهي إن کنتُ غير مستأهل لما أرجو من رحمتک، فأنت أهل أن تجود علي المذنبين بسعة رحمتک.

إلهي إن کان ذنبي قد أخافني، فإنّ حسن ظنّي بک قد أجارني.

إلهي ليس تشبه مسألتي مسألة السائلين؛ لِأنّ السائل إذا مُنِع امتنع عن السؤال، وأنا لا غني بي عمّا سألتک علي کلِّ حال.

إلهي ارضَ عنّي فإن لم ترضَ عنّي فاعفُ عنّي، فقد يعفو السيّد عن عبده وهو عنه غير راض.

إلهي کيف أدعوک وأنا أنا؟! أم کيف أيأس منک وأنت أنت؟!

إلهي إنّ نفسي قائمة بين يديک وقد أظلَّها حسنُ توکُّلي عليک، فصنعتَ بها ما يُشبهک،وتغمَّدتني بعفوک[30] .

4545- الإمام الصادق عليه السلام: إنّ رجلاً أتي أميرالمؤمنين عليه السلام فقال:يا أمير المؤمنين، کان لي مال ورثته ولم اُنفق منه درهماً في طاعة اللَّه

[صفحه 333]

عزّ وجلّ، ثمّ أکتسب منه مالاً فلم اُنفق منه درهماً في طاعة اللَّه، فعلّمني دعاءً يخلف عليّ ما مضي ويغفر لي ما عملت، أو عملاً أعمله.

قال: قل.

قال: وأيّ شي ء أقول يا أميرالمؤمنين؟

قال: قل کما أقول: يا نوري في کلّ ظلمة، ويا اُنسي في کلّ وحشة، ويا رجائي في کلّ کربة، ويا ثقتي في کلّ شدّة، ويا دليلي في الضلالة، أنت دليلي إذا انقطعت دلالة الأدلّاء فإنّ دلالتک لا تنقطع ولا يضلّ من هديت، أنعمت عليّ فأسبغت، ورزقتني فوفرت، وغذّيتني فأحسنت غذائي، وأعطيتني فأجزلت بلا استحقاق لذلک بفعل منّي ولکن ابتداء منک لکرمک وجودک، فتقوّيت بکرمک علي معاصيک، وتقوّيت برزقک علي سخطک، وأفنيت عمري فيما لا تحبّ، فلم يمنعک جرأتي عليک ورکوبي لما نهيتني عنه ودخولي فيما حرمت عليّ أن عدت عليّ بفضلک، ولم يمنعني حلمک عنّي وعودک عليّ بفضلک أن عدت في معاصيک.

فأنت العوّاد بالفضل وأنا العوّاد بالمعاصي، فيا أکرم من أقرّ له بذنب، وأعزّ من خضع له بذل، لکرمک أقررتُ بذنبي، ولعزّک خضعتُ بذلّي، فما أنت صانع بي في کرمک، وإقراري بذنبي. وعزّک وخضوعي بذلّي، افعل بي ما أنت أهله، ولا تفعل بي ما أنا أهله[31] .

4546- المزار الکبير عن أبي الحسن عليّ بن ميثم: حدّثني ميثم قال: أصحر بي مولاي أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ليلة من الليالي حتي خرج من

[صفحه 334]

الکوفة وانتهي إلي مسجد جعفي، توجّه إلي القبلة وصلّي أربع رکعات فلما سلّم وسبّح بسط کفّيه وقال:

إلهي کيف أدعوک وقد عصيتک؟! وکيف لا أدعوک وقد عرفتک؟! وحبّک في قلبي مکين، مددت إليک يداً بالذنوب مملوءة، وعيناً بالرجاء ممدودة.

إلهي أنت مالک العطايا وأنا أسير الخطايا، ومن کرم العظماء الرفق بالاُسراء، وأنا أسير بجرمي مرتهن بعملي.

إلهي ما أضيق الطريق علي من لم تکن دليله! وأوحش المسلک علي من لم تکن أنيسه!

إلهي لئن طالبتني بذنوبي لاُطالبنّک بعفوک، وإن طالبتني بسريرتي لاُطالبنّک بکرمک، وإن طالبتني بشرّي لاُطالبنّک بخيرک، وإن جمعت بيني وبين أعدائک في النار لاُخبرنهم أني کنت لک محبّاً، وأنني کنت أشهد أن لا إله إلّا اللَّه.

إلهي هذا سروري بک خائفاً فکيف سروري بک آمناً؟!

إلهي الطاعة تسرّک والمعصية لا تضرّک، فهب لي ما يسرّک واغفر لي ما لا يضرّک، وتُب عليّ إنک أنت التوّاب الرحيم.

اللهمّ صلِّ علي محمّد وآل محمّد وارحمني إذا انقطع من الدنيا أثري، وامتحي من المخلوقين ذکري، وصرت من المنسيّين کمن قد نُسي.

إلهي کبر سنّي ودقّ عظمي، ونال الدهر منّي، واقترب أجلي، ونفدت أيّامي، وذهبت محاسني، ومضت شهوتي، وبقيت تبعتي، وبُلي جسمي، وتقطّعت أوصالي، وتفرّقت أعضائي،وبقيت مرتهناً بعملي.

إلهي أفحمتني ذنوبي وانقطعت مقالتي ولا حجّة لي. إلهي أنا المقرّ بذنبي،

[صفحه 335]

المعترف بجرمي، الأسير بإساءتي، المرتهن بعملي، المتهوّر في خطيئتي، المتحيّر عن قصدي، المنقطع بي فصلِّ علي محمّد وآل محمّد وتفضّل عليّ وتجاوز عني.

إلهي إن کان صغر في جنب طاعتک عملي فقد کبر في جنب رجائک أملي، إلهي کيف أنقلب بالخيبة من عندک محروماً وکلّ ظنّي بجودک أن تقلبني بالنجاة مرحوماً؟! إلهي لم اُسلّط علي حسن ظني بک قنوط الآيسين، فلا تبطل صدق رجائي من بين الآملين.

إلهي عظم جرمي إذ کنت المطالب به، وکبر ذنبي إذ کنت المبارز به، إلّا أني إذا ذکرتُ کِبَر ذنبي وعِظمَ عفوک وغفرانک، وجدتُ الحاصل بينهما لي أقربهما إلي رحمتک ورضوانک. إلهي إن دعاني إلي النار مخشيّ عقابک فقد ناداني إلي الجنّة بالرجاء حسن ثوابک.

إلهي إن أوحشتني الخطايا عن محاسن لطفک فقد آنستني باليقين مکارم عفوک، إلهي إن أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائک فقد أنبهتني المعرفة يا سيدي بکرم آلائک. إلهي إن عزُب لبّي عن تقويم ما يُصلحني فما عزُب إيقاني بنظرک إليّ فيما ينفعني.

إلهي إن انقرضت بغير ما أحببت من السعي أيامي فبالإيمان أمضيت السالفات من أعوامي، إلهي جئتک ملهوفاً وقد اُلبست عدم فاقتي، وأقامني مع الأذلّاء بين يديک ضرّ حاجتي، إلهي کرمت فأکرمني إذ کنت من سؤآلک، وجدت بالمعروف فاخلطني بأهل نوالک، إلهي أصبحت علي باب من أبواب منحک سائلاً، وعن التعرّض لسواک بالمسألة عادلاً، وليس من شأنک ردّ سائل ملهوف ومضطر لانتظار خير منک مألوف.

[صفحه 336]

إلهي أقمت علي قنطرة الأخطار مبلوّا بالأعمال والاختبار إن لم تعن عليها بتخفيف الأثقال والآصار، إلهي أمن أهل الشقاء خلقتني فاُطيل بکائي، أم من أهل السعادة خلقتني فاُبشر رجائي؟! إلهي إن حرمتني رؤية محمّد صلي الله عليه و آله وصرفت وجه تأميلي بالخيبة في ذلک المقام فغير ذلک مَنَّتني نفسي يا ذا الجلال والإکرام والطول والإنعام.

إلهي لو لم تهدني إلي الإسلام ما اهتديت، ولو لم ترزقني الإيمان بک ما آمنت،ولو لم تطلق لساني بدعائک ما دعوت، ولو لم تُعرّفني حلاوة معرفتک ما عرفت، إلهي إن أقعدني التخلّف عن السبق مع الأبرار فقد أقامتني الثقة بک علي مدارج الأخيار.

إلهي قلبٌ حشوته من محبّتک في دار الدنيا، کيف تُسلّط عليه ناراً تحرقه في لظي؟! إلهي کلّ مکروب إليک يلتجئ، وکلّ محروم لک يرتجي.

إلهي سمع العابدون بجزيل ثوابک فخشعوا، وسمع المزلّون عن القصد بجودک فرجعوا،وسمع المذنبون بسعة رحمتک فتمتّعوا، وسمع المجرمون بکرم عفوک فطمعوا، حتي ازدحمت عصائب العُصاة من عبادک، وعجّ إليک کلّ منهم عجيج الضجيج بالدعاء في بلادک ولکلّ أمل ساق صاحبه إليک وحاجة، وأنت المسؤول الذي لا تسودّ عنده وجوه المطالب صلِّ علي محمّد نبيک وآله، وافعل بي ما أنت أهله إنک سميع الدعاء. وأخفت دعاءه وسجد وعفّر وقال: العفو العفو مائة مرة[32] .

4547- الإمام عليّ عليه السلام- عند وضع الميّت في القبر: بسم اللَّه وعلي ملّة

[صفحه 337]

رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، اللهمّ افسح له في قبره، ونوّره له، وألحقه بنبيّه، وأنت عنه راضٍ غير غضبان[33] .

4548- عنه عليه السلام- کان يقول علي الميّت-: اللهمّ اغفر لأحيائنا وأمواتنا، وألِّف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واجعل قلوبنا علي قلوب أخيارنا، اللهمّ اغفر له، اللهمّ ارحمه، اللهمّ أرجعه إلي خير ممّا کان فيه، اللهمّ عفوک، اللهمّ عفوک[34] .

4549- عنه عليه السلام- عند وضع ابن المکفّف في القبر-: اللهمّ عبدک وولد عبدک،نزل بک وأنت خير منزول به، اللهمّ وسّع له مدخله، واغفر له ذنبه، فإنّا لا نعلم به[35] إلّا خيراً، وأنت أعلم به[36] .

4550- عنه عليه السلام- لأهل القبور-: عليکم السلام يا أهل الديار الموحشة والمحالّ المقفرة، من المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات؛ وأنتم لنا سلفٌ وفَرَط،[37] ونحن لکم تبع، وبکم عمّا قليل لاحقون. اللهمّ اغفر لنا ولهم، وتجاوز عنّا وعنهم.

ثمّ قال: الحمد للَّه الذي جعل الأرض کِفاتاً،[38] أحياء وأمواتاً؛ الحمد للَّه الذي

[صفحه 338]

جعل منها خلقنا، وفيها يعيدنا، وعليها يحشرنا. طوبي لمن ذکر المعاد، وعمل للحساب، وقنع بالکفاف، ورضي عن اللَّه بذلک![39] .

[صفحه 339]



صفحه 325، 326، 327، 328، 329، 330، 331، 332، 333، 334، 335، 336، 337، 338، 339.





  1. الخصال: 14:420، روضة الواعظين: 123، بحارالأنوار: 23:400:77.
  2. قوله عليه السلام: «إذا فرغ من الزوال» تحتمل الفريضة والنافلة، لکنّ الشيخ [الطوسي] وغيره ذکروهما في تعقيب نوافل الزوال بأدني تغيير، وإطلاق صلاة الزوال علي النافلة في عرف الأخبار أکثر (مرآة العقول: 335:12).
  3. في بعض النسخ: «اقلبني».
  4. الکافي: 1:545:2 عن عيسي بن عبداللَّه القمّي، من لا يحضره الفقيه: 956:325:1، دعائم الإسلام: 209:1 نحوه، بحارالأنوار: 20:71:87.
  5. شرح نهج البلاغة: 174:275:20.
  6. شعب الإيمان: 7339:484:5 عن جيش، الدرّ المنثور: 48:6.
  7. الجعفريّات: 217.
  8. في المصدر: «المنظر»، وما أثبتناه من المصادر الاُخري.
  9. الکافي: 2:577:2، عدّة الداعي: 2 کلاهما عن حمّاد بن عيسي رفعه، قرب الإسناد: 16:5 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام نحوه وفيه «إنّ هذا من دعاء النبيّ صلي الله عليه و آله»، دعائم الإسلام: 137:2 عن الإمام عليّ عليه السلام قال: «شکوت إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله تفلّت القرآن منّي، فقال: يا عليّ، ساُعلّمک کلمات يثبتن القرآن في قلبک قل...» وليس فيه «لا إله إلّا أنت»، بحارالأنوار: 5:208:92 و ج 1:341:95.
  10. في نسخة: «صيّدتنا».
  11. البلاقع: جمع بلقع؛ وهي الأرض القفر التي لا شي ء فيها (النهاية: 153:1).
  12. المصباح للکفعمي: 490، البلد الأمين: 314 کلاهما عن الإمام العسکري عن آبائه عليهم السلام، بحارالأنوار: 14:103:94.
  13. شرح نهج البلاغة: 667:319:20.
  14. فههت: أي عَييْت (مجمع البحرين: 1420:3).
  15. العَمَهُ: التحيّر والتردّد (لسان العرب: 519:13).
  16. شرح نهج البلاغة: 987:347:20.
  17. المصباح للکفعمي: 497، البلد الأمين: 318 کلاهما عن الإمام العسکري عن آبائه عليهم السلام، بحارالأنوار: 14:108:94.
  18. شرح نهج البلاغة: 659:319:20.
  19. شرح نهج البلاغة: 989:348:20.
  20. المصباح للکفعمي: 486، البلد الأمين: 312 کلاهما عن الإمام العسکري عن آبائه عليهم السلام، بحارالأنوار: 14:101:94.
  21. المصباح للکفعمي: 496، البلد الأمين: 318 کلاهما عن الإمام العسکري عن آبائه عليهم السلام، بحارالأنوار: 14:108:94.
  22. في البلد الأمين: «انتظار».
  23. المصباح للکفعمي: 496، البلد الأمين: 317 کلاهما عن الإمام العسکري عن آبائه عليهم السلام، بحارالأنوار: 14:108:94.
  24. الفَرَق بالتحريک: الخَوْف والفَزَع (النهاية: 438:3).
  25. المصباح للکفعمي: 494، البلد الأمين: 316 کلاهما عن الإمام العسکري عن آبائه عليهم السلام، بحارالأنوار: 14:106:94.
  26. في المصدر: «عملي»، وما في المتن من المصادر الاُخري.
  27. في البلد الأمين: «إنّي جرت» وفي بحارالأنوار: «إنّي إن جرت».
  28. المصباح للکفعمي: 493، البلد الأمين: 316 کلاهما عن الإمام العسکري عن آبائه عليهم السلام، بحارالأنوار: 14:105: 94.
  29. المصباح للکفعمي: 492، البلد الأمين: 315 کلاهما عن الإمام العسکري عن آبائه عليهم السلام، بحارالأنوار: 14:105:94.
  30. المصباح للکفعمي: 492، البلد الأمين: 316 کلاهما عن الإمام العسکري عن آبائه عليهم السلام، بحارالأنوار: 14:105:94.
  31. الکافي: 35:595:2 عن عليّ بن أبي حمزة عن بعض أصحابه.
  32. المزار الکبير: 149، المزار للشهيد الأوّل: 270، بحارالأنوار: 26:449:100.
  33. الجعفريّات: 202.
  34. الدعاء للطبراني: 1197:360، المصنّف لعبد الرزّاق: 6422:487:3، المصنّف لابن أبي شيبة: 7:177:3 کلّها عن عبداللَّه بن عبدالرحمن بن أبزي وفيهما «اللهمّ عفوک» مرّة.
  35. کذا في المصدر، وفي بعض المصادر: «منه».
  36. السنن الکبري: 6950:61:4، المصنّف لابن أبي شيبة: 2:212:3 و ح 5 کلاهما نحوه وکلّها عن عمير بن سعيد، کنز العمّال: 42914:733:15؛ الدعوات: 762:267 نحوه.
  37. فَرَطٌ: إذا تقدَّم وسَبَق القوم (النهاية: 434:3).
  38. الکِفات: الموضع الذي يضمّ فيه الشي ء ويقبض، وفي التنزيل العزيز: «أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ کِفَاتًا أَحْيَآءً وَ أَمْوَ تًا» (المرسلات: 25 و 26) (لسان العرب: 79:2).
  39. وقعة صفّين: 531، بحارالأنوار: 462:553:32 و ج 24:179:82.