المناجاة الشعبانيّة











المناجاة الشعبانيّة



4473- الإقبال عن ابن خالويه: إنّها [أي المناجاة الشعبانيّة] مناجاة أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب والأئمّة من ولده عليهم السلام، کانوا يدعون بها في شهر شعبان:

اللهمّ صلِّ علي محمّد وآل محمّد، واسمع دعائي إذا دعوتک، واسمع ندائي إذا ناديتک، واقبل عليَّ إذا ناجيتک، فقد هربت إليک، ووقفت بين يديک مستکيناً لک متضرّعاً إليک، راجياً لما لديک، تراني وتعلم ما في نفسي، وتخبر حاجتي وتعرف ضميري، ولا يخفي عليک أمر منقلبي ومثواي، وما اُريد أن اُبدئ به من منطقي، وأتفوّه به من طلبتي، وأرجوه لعافيتي، وقد جرت مقاديرک عليَّ يا سيّدي فيما يکون منّي إلي آخر عمري، من سريرتي وعلانيتي، وبيدک لا بيد غيرک زيادتي ونقصي، ونفعي وضرّي.

إلهي إن حرمتني فمن ذا الذي يرزقني؟! وإن خذلتني فمن ذا الذي ينصرني؟!

إلهي أعوذ بک من غضبک وحلول سخطک.

إلهي إن کنتُ غير مستأهل لرحمتک فأنت أهل أن تجود عليَّ بفضل سعتک.

إلهي کأ نّي بنفسي واقفة بين يديک، وقد أضلّها حُسن توکّلي عليک، ففعلت ما أنت أهله، وتغمّدتني بعفوک. إلهي إن عفوت فَمن أولي منک بذلک؟! وإن کان قد دنا أجلي ولم يدنني منک عملي، فقد جعلت الإقرار بالذنب إليک وسيلتي. إلهي

[صفحه 292]

قد جُرتُ علي نفسي في النظر لها، فلها الويل إن لم تغفر لها! إلهي لم يزل برّک عليَّ أيّام حياتي، فلا تقطع برّک عنّي في مماتي. إلهي کيف آيسُ من حُسن نظرک لي بعد مماتي، وأنت لم تولّني إلّا الجميل في حياتي؟! إلهي تولَّ من أمري ما أنت أهله، وعُد عليَّ بفضلک علي مذنب قد غمره جهله.

إلهي قد سترت عليَّ ذنوباً في الدنيا، وأنا أحوج إلي سترها عليَّ منک في الاُخري. إلهي قد أحسنت إليَّ إذ لم تظهرها لأحدٍ من عبادک الصالحين، فلا تفضحني يوم القيامة علي رؤوس الأشهاد. إلهي جودک بسط أملي، وعفوک أفضل من عملي. إلهي فسرّني بلقائک يوم تقضي فيه بين عبادک. إلهي اعتذاري إليک اعتذار من لم يستغن عن قبول عذره، فاقبل عذري يا أکرم من اعتذر إليه المسيؤون.

إلهي لا تردّ حاجتي، ولا تخيّب طمعي، ولا تقطع منک رجائي وأملي. إلهي لو أردت هواني لم تهدني، ولو أردت فضيحتي لم تعافني. إلهي ما أظنّک تردّني في حاجةٍ قد أفنيت عمري في طلبها منک. إلهي فلک الحمد أبداً أبداً دائماً سرمداً، يزيد ولا يبيد کما تحبّ وترضي.

إلهي إن أخذتَني بجرمي أخذتُک بعفوک، وإن أخذتَني بذنوبي أخذتُک بمغفرتک، وإن أدخلتني النار أعلمتُ أهلها أ نّي اُحبّک. إلهي إن کان صغر في جنب طاعتک عملي فقد کَبُرَ في جنب رجائک أملي. إلهي کيف أنقلب من عندک بالخيبة محروماً، وقد کان حُسن ظنّي بجودک أن تقلبني بالنجاة مرحوماً؟! إلهي وقد أفنيت عمري في شره السهو عنک، وأبليت شبابي في سکرة التباعد منک.

إلهي فلم أستيقظ أيّام اغتراري بک، ورکوني إلي سبيل سخطک. إلهي وأنا عبدک

[صفحه 293]

وابن عبدک، قائم بين يديک، متوسّل بکرمک إليک. إلهي أنا عبد أتنصّل إليک ممّا کنت أواجهک به من قلّة استحيائي من نظرک، وأطلب العفو منک إذ العفو نعت لکرمک.

إلهي لم يکن لي حول فأنتقل به عن معصيتک إلّا في وقتٍ أيقظتني لمحبّتک، وکما أردت أن أکون کنت، فشکرتک بإدخالي في کرمک، ولتطهير قلبي من أوساخ الغفلة عنک. إلهي اُنظر إليَّ نظر من ناديته فأجابک، واستعملته بمعونتک فأطاعک، يا قريباً لا يبعد عن المغترّ به، ويا جواداً لا يبخل عمّن رجا ثوابه. إلهي هب لي قلباً يدنيه منک شوقه، ولساناً يرفعه إليک صدقه، ونظراً يقرّبه منک حقّه. إلهي إنّ مَن تعرّف بک غير مجهول، ومَن لاذ بکَ غير مخذول، ومَن أقبلت عليه غير مملوک[1] .

إلهي إنّ من انتهج بک لمستنير، وإنّ من اعتصم بک لمستجير، وقد لُذت بک. يا إلهي فلا تخيّب ظنّي من رحمتک، ولا تحجبني عن رأفتک. إلهي أقمني في أهل ولايتک مقام رجاء الزيادة من محبّتک. إلهي وألهمني ولَهاً بذکرک إلي ذکرک، واجعل همّي في روح نجاح أسمائک ومحلّ قدسک. إلهي بک عليک إلّا ألحقتني بمحلّ أهل طاعتک، والمثوي الصالح من مرضاتک، فإنّي لا أقدر لنفسي دفعاً، ولا أملک لها نفعاً. إلهي أنا عبدک الضعيف المذنب، ومملوکک المعيب، فلا تجعلني ممّن صرفت عنه وجهک، وحجبه سهوه عن عفوک.

إلهي هب لي کمال الانقطاع إليک، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليک، حتي تخرق أبصار القلوب حجب النور، فتصل إلي معدن العظمة، وتصير أرواحنا

[صفحه 294]

معلّقة بعزّ قدسک. إلهي واجعلني ممّن ناديته فأجابک، ولاحظته فصعق لجلالک، فناجيته سرّاً وعمل لک جهراً. إلهي لم اُسلّط علي حُسن ظنّي قنوط الإياس، ولا انقطع رجائي من جميل کرمک. الهي إن کانت الخطايا قد أسقطتني لديک فاصفح عنّي بحسن توکّلي عليک. إلهي إن حطّتني الذنوب من مکارم لطفک، فقد نبّهني اليقين إلي کرم عطفک. إلهي إن أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائک، فقد نبّهتني المعرفة بکرم آلائک.

إلهي إن دعاني إلي النار عظيم عقابک، فقد دعاني إلي الجنّة جزيل ثوابک. إلهي فلک أسأل، وإليک أبتهل وأرغب، أن تصلّي علي محمّد وآل محمّد، وأن تجعلني ممّن يديم ذکرک، ولا ينقض عهدک، ولا يغفل عن شکرک، ولا يستخفّ بأمرک. إلهي والحقني بنور عزّک الأبهج، فأکون لک عارفاً، وعن سواک منحرفاً، ومنک خائفاً مراقباً، يا ذا الجلال والإکرام. وصلّي اللَّه علي محمّد رسوله وآله الطاهرين وسلّم تسليماً کثيراً[2] .



صفحه 292، 293، 294.





  1. وفي نسخة: «مملول».
  2. الإقبال: 295:3، بحارالأنوار: 13:96:94 نقلاً عن الکتاب العتيق الغروي.