غارة عبد اللَّه بن مسعدة
فلمّا بلغ ذلک عليّاً وجّه المسيّب بن نجبة الفزاري، فسار حتي لحق ابن مسعدة بَتيماء فاقتتلوا ذلک اليوم حتي زالت الشمس قتالاً شديداً، وحمل المسيّب علي ابن مسعدة فضربه ثلاث ضربات، کلّ ذلک لا يلتمس قتله ويقول له: النجاءَ النجاءَ![2] . [صفحه 125] فدخل ابن مسعدة وعامّة من معه الحصن، وهرب الباقون نحو الشام، وانتهب الأعراب إبل الصدقة التي کانت مع ابن مسعدة، وحصره ومن کان معه المسيّب ثلاثة أيّام، ثمّ ألقي الحطب علي الباب، وألقي النيران فيه، حتي احترق. فلمّا أحسّوا بالهلاک أشرفوا علي المسيّب فقالوا: يا مسيّب! قومَک! فرقّ لهم، وکرِه هلاکهم، فأمر بالنار فاُطفئت، وقال لأصحابه: قد جاءتني عيون فأخبروني أنّ جنداً قد أقبل إليکم من الشام، فانضمّوا في مکان واحد. فخرج ابن مسعدة في أصحابه ليلاً حتي لحقوا بالشام، فقال له عبد الرحمن بن شبيب: سِر بنا في طلبهم، فأبي ذلک عليه، فقال له: غششتَ أميرالمؤمنين، وداهنت في أمرهم.[3] . 2852- تاريخ اليعقوبي: بعث معاوية عبد اللَّه بن مسعدة بن حذيفة بن بدر الفزاري في جَرِيدة خَيل،[4] وأمره أن يقصد المدينة ومکّة فسار في ألف وسبعمائة. فلمّا أتي عليّاً الخبر وجّه المسيّب بن نجبة الفزاري، فقال له: يا مسيّب! إنّک ممّن أثق بصلاحه وبأسه ونصيحته، فتوجّهْ إلي هؤلاء القوم وأثّرْ فيهم، وإن کانوا قومک. فقال له المسيّب: يا أميرالمؤمنين! إنّ من سعادتي أن کنت من ثقاتک. فخرج في ألفي رجل من همدان وطي ء وغيرهم، وأغذَّ السير، وقدّم مقدّمته، فلقوا عبد اللَّه بن مسعدة، فقاتلوه، فلحقهم المسيّب، فقاتلهم حتي أمکنه أخذ ابن [صفحه 126] مسعدة، فجعل يتحاماه.[5] . وانهزم ابن مسعدة، فتحصّن بتَيماء وأحاط المسيّبُ بالحصن، فحصر ابن مسعدة وأصحابه ثلاثاً، فناداه: يا مسيّب! إنّما نحن قومک، فليمسّک الرحم، فخلّي لابن مسعدة وأصحابه الطريق، ونجا من الحصن. فلمّا جنّهم الليل خرجوا من تحت ليلتهم حتي لحقوا بالشام، وصبّح المسيّب الحصن، فلم يجد أحداً. فقال عبد الرحمن بن شبيب: داهنت واللَّه يا مسيّب في أمرهم، وغششت أميرالمؤمنين. وقدم علي عليّ فقال له عليّ: يا مسيّب! کنت من نصّاحي، ثمّ فعلت ما فعلت!، فحبسه أيّاماً، ثمّ أطلقه وولّاه قبض الصدقة بالکوفة.[6] .
2851- تاريخ الطبري عن عوانة: وجّه معاوية [في سنة 39 ه] أيضاً عبد اللَّه بن مسعدة الفَزاري في ألف وسبعمائة رجل إلي تيماء،[1] وأمره أن يُصَدِّق من مرّ به من أهل البوادي، وأن يقتل من امتنع من عطائه صدقة ماله، ثمّ يأتي مکّة والمدينة والحِجاز، يفعل ذلک، واجتمع إليه بشرٌ کثير من قومه.
صفحه 125، 126.