النجاشي











النجاشي



مقيس بن عمرو بن مالک المشهور بالنجاشي: من شعراء صدر الإسلام، وأحد أصحاب الإمام عليه السلام.

کان النجاشي من الدعاة لجيش الإمام عليّ عليه السلام بأشعاره؛ فکان يُحمِّس الناس للقتال من جهة، ويفضح معاوية وأصحابه، ويُبدي مخازيهم من جهة اُخري.

فلمّا کان منه ما کان من إفطاره في شهر رمضان وشربه للخمر حدّه الإمام عليه السلام کغيره من العصاة، ولم يمنع الإمام عليه السلام عن إقامة حدّ اللَّه تعالي ما قدّمه من خدمات.

فلمّا رأي النجاشي شدّة الإمام وحزمه في إقامة الحدود الإلهيّة، وعدم منع شي ء عن إقامتها- ولم يکن يتصوّر شدّة الإمام بهذا الحدّ- اعتزل عن الإمام والتجأ إلي معاوية.

[صفحه 38]

2782- الغارات عن عوانة: خرج النجاشي في أوّل يوم من رمضان، فمرّ بأبي سمّال الأسدي وهو قاعد بفناء داره، فقال له: أين تريد؟ قال: اُريد الکناسة،[1] قال: هل لک في رؤوس وألياتٍ قد وضعت في التنّور من أوّل الليل فأصبحت قد أينعت وتهرّأت؟ قال: ويحَک! في أوّل يوم من رمضان؟! قال: دعنا ممّا لا نعرف، قال: ثمّ مَهْ؟ قال: ثمّ أسقيک من شراب کالوَرْس،[2] يُطيّب النفس، ويجري في العِرْق، ويزيد في الطَّرْق، يهضم الطعام، ويسهّل للفَدْم[3] الکلام.

فنزل فتغدّيا ثمّ أتاه بنبيذ فشرباه، فلمّا کان من آخر النهار علت أصواتهما، ولهما جار يتشيّع من أصحاب عليّ عليه السلام، فأتي عليّاً عليه السلام فأخبره بقصّتهما، فأرسل إليهما قوماً فأحاطوا بالدار، فأمّا أبوسمّال فوثب إلي دور بني أسد فأفلت، وأمّا النجاشي فاُتي به عليّاً عليه السلام، فلمّا أصبح أقامه في سراويل فضربه ثمانين، ثمّ زاده عشرين سوطاً، فقال: يا أميرالمؤمنين! أمّا الحدّ فقد عرفته، فما هذه العِلاوة التي لا تُعْرف؟ قال: لجرأتک علي ربّک، وإفطارک في شهر رمضان.

ثمّ أقامه في سراويله للناس، فجعل الصبيان يصيحون به: خَرِيَ النجاشي، فجعل يقول: کلّا واللَّه إنّها يمانيّة وِکاؤها شعر... ثمّ لحق بمعاوية وهجا عليّاً عليه السلام.[4] .

[صفحه 39]



صفحه 38، 39.





  1. الکُنَاسَة: محلّة بالکوفة، عندها واقع يوسف بن عمر الثقفي زيد بن علي بن الحسين (معجم البلدان: 481:4).
  2. الوَرْس: نبت أصفر يُصبَغ به (النهاية: 173:5).
  3. الفَدْم من الناس: العييُّ عن الحجّة والکلام مع ثقل ورخاوة وقلّة فَهْم (لسان العرب: 450:12).
  4. الغارات: 533:2؛ شرح نهج البلاغة: 88:4 وراجع ج 250:10 والإصابة: 8876:387:6.