ما حصل لأبي البقاء قيّم مشهد أميرالمؤمنين











ما حصل لأبي البقاء قيّم مشهد أميرالمؤمنين



3054- فرحة الغري: في سنة إحدي وخمس خمسمائة بِيعَ الخبز بالمشهد الشريف الغروي کلّ رطل بقيراط، بقي أربعين يوماً، فمضي القوم من الضرّ علي وجوههم إلي القري، وکان من القوم رجل يقال له أبو البقاء بن سويقة، وکان له من العمر مائة وعشر سنين، فلم يبقَ من القوم سواه، فأضرّ به الحال، فقالت له زوجته وبناته: هلکنا! امضِ کما مضي القوم، فلعلّ اللَّه تعالي يفتح بشي ء نعيش به، فعزم علي المضيّ، فدخل إلي القبة الشريفة صلوات اللَّه علي صاحبها وزار وصلّي، وجلس عند رأسه الشريف وقال: يا أميرالمؤمنين لي في خدمتک مائة سنة ما فارقتک، ما رأيت الخلة ولا السکون، وقد أضرّ بي وبأطفالي الجوع، وها أنا مفارقک ويعزّ عليّ فراقک، أستودعک اللَّه هذا فراق بيني وبينک.

ثمّ خرج ومضي مع المکاريّة حتي يعبر إلي الوقف وسوراء، وفي صحبته وهبان السلمي وأبوکردي وجماعة من المکاريّة طلعوا من المشهد، وأقبلوا إلي أبي هبيش قال بعضهم لبعض: هذا وقت کثير، فنزلوا ونزل أبو البقاء معهم، فنام فرأي في منامه أميرالمؤمنين عليه السلام وهو يقول له: يا أبا البقاء، فارقتني بعد طول هذه المدّة؟! وعد إلي حيث کنت، فانتبه باکياً فقيل له: ما يُبکيک؟ فقصّ عليهم المنام ورجع، فحيث رأينه بناته صرخن في وجهه، وقصّ عليهنّ القصة وطلع، وأخذ مفتاح القبّة من الخازن أبي عبد اللَّه بن شهريار القمّي، وقعد علي عادته، بقي ثلاثة أيام ففي اليوم الثالث أقبل رجل وبين کتفيه مخلاة کهيئة المشاة إلي طريق مکّة، فحلّها وأخرج منها ثياباً لبسها، ودخل إلي القبة الشريفة وزار وصلّي، ودفع إليّ خفيفاً وقال: ائت بطعام نتغدّي، فمضي القيّم أبو البقاء وأتي

[صفحه 327]

بخبز ولبن وتمر، فقال له: ما يؤکل لي هذا ولکن امضِ به إلي أولادک يأکلونه، وخذ هذا الدينار الآخر واشترِ لنا به دجاجاً وخبزاً، فأخذت له بذلک، فلمّا کان وقت صلاة الظهر صلّي الظهرين وأتي إلي داره والرجل معه، فأحضر الطعام وأکلا، وغسل الرجل يديه وقال لي: ائتني بأوزان الذهب، فطلع القيّم أبوالبقاء إلي زيد بن واقصة- وهو صائغ علي باب دار التقي بن اُسامة العلوي النسّابة- فأخذ منه الصينية وفيها أوزان الذهب وأوزان الفضة فجمع الرجل جميع الأوزان فوضعها في الکفّة حتي الشعيرة والارزة وحبة الشبّه، وأخرج کيساً مملوّاً ذهباً، وترک منه بحذاء الأوزان وصبّه في حجر القيّم ونهض، وشَدَّ ما تخلّف عنه وبدّل لباسه، فقال له القيّم: يا سيّدي ما أصنع بهذا؟ قال له: هو لک، قال: ممّن؟ قال: من الذي قال لک: ارجع إلي حيث کنت. قال لي: أعطه حذاء الأوزان، ولو جئت بأکثر من هذه الأوزان لأعطيتک، فوقع القيّم مغشيّاً عليه، ومضي الرجل، فزوّج القيم بناته وعمّر داره وحسنت حاله.[1] .

راجع: کتاب «بحارالأنوار»: 311:42 باب 129

«ما ظهر عند الضريح المقدّس من المعجزات والکرامات».



صفحه 327.





  1. فرحة الغري: 149، بحارالأنوار: 8:321:42.