بحث حول موضع قبر الإمام











بحث حول موضع قبر الإمام



قال العلّامة المجلسي قدس سره: اعلم أنّه کان في بعض الأزمان بين المخالفين اختلاف في موضع قبره الشريف عليه السلام؛ فذهب جماعة من المخالفين إلي أنّه دُفن في رحبة مسجد الکوفة، وقيل: إنّه دفن في قصر الإمارة، وقيل: إنّه أخرجه معه الحسن عليه السلام وحمله معه إلي المدينة ودفنه بالبقيع، وکان بعض جهلة الشيعة يزورونه بمشهد في الکرخ، وقد أجمعت الشيعة علي أنّه عليه السلام مدفون بالغريّ في الموضع المعروف عند الخاصّ والعامّ، وهو عندهم من المتواترات، رووه خلفاً عن سلف إلي أئمّة الدين صلوات اللَّه عليهم أجمعين، وکان السبب في هذا الاختلاف إخفاء قبره عليه السلام خوفاً من الخوارج والمنافقين، وکان لا يعرف ذلک إلّا خاصّ الخاصّ من الشيعة، إلي أن ورد الصادق عليه السلام الحيرة في زمن السفّاح فأظهره لشيعته، ومن هذا اليوم إلي الآن يزوره کافّة الشيعة في هذا المکان، وقد کتب عبد الکريم بن أحمد ابن طاووس کتاباً في تعيين موضع قبره عليه السلام وردّ أقوال المخالفين وسمّاه فرحة الغريّ، وذکر فيه أخباراً متواترة فرّقناها علي الأبواب.

وقال عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة:[1] قال أبو الفرج الأصفهاني: حدّثني أحمد بن عيسي، عن الحسين بن نصر، عن زيد بن المعدّل،

[صفحه 298]

عن يحيي بن شعيب، عن أبي مخنف، عن فضل بن جريح، عن الأسود الکندي والأجلح قالا: توفّي عليّ عليه السلام وهو ابن أربع وستّين سنة في عام أربعين من الهجرة ليلة الأحد لإحدي وعشرين ليلة مضت في شهر رمضان، وولي غسله ابنه الحسن عليه السلام وعبد اللَّه بن العبّاس، وکفّن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص، وصلّي عليه ابنه الحسن، فکبر عليه خمس تکبيرات، ودفن في الرحبة ممّا يلي أبواب کندة عند صلاة الصبح، هذه رواية أبي مخنف.

قال أبوالفرج: وحدّثني أحمد بن سعيد عن يحيي بن الحسن العلوي، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عليّ الخلال، عن جدّه قال: قلت للحسين بن عليّ عليهماالسلام: أين دفنتم أميرالمؤمنين عليه السلام؟ قال: خرجنا به ليلاً من منزله حتي مررنا به علي منزل الأشعث حتي خرجنا به إلي الظَّهر بجنب الغريّ، قلت: وهذه الرواية هي الحقّ، وعليها العمل، وقد قلنا فيما تقدّم أن أبناء الناس أعرف بقبور آبائهم من غيرهم من الأجانب، وهذا القبر الذي بالغريّ هو الذي کان بنو عليّ يزورونه قديماً وحديثاً ويقولون: هذا قبر أبينا، لا يشکّ أحد في ذلک من الشيعة ولا من غيرهم، أعني بني عليّ من ظهر الحسن والحسين وغيرهما من سلالته المتقدّمين منهم والمتأخّرين ما زاروا ولا وقفوا إلّا علي هذا القبر بعينه. وقد روي أبو الفرج عليّ بن عبد الرحمن الجوزي عن أبي الغنائم قال: مات بالکوفة ثلاثمائةصحابي، ليس قبر أحد منهم معروفاً إلّاقبرأميرالمؤمنين عليه السلام، وهو القبر الذي تزوره الناس الآن، جاء جعفر بن محمّد وأبوه محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام فزاراه ولم يکن إذ ذاک قبر ظاهر، وإنّما کان به شُيوخ[2] أيضاً، حتي جاء محمّد بن زيد الداعي صاحب الديلم فأظهر القبّة.[3] .

[صفحه 299]



صفحه 298، 299.





  1. شرح نهج البلاغة: 122:6.
  2. من الأشجار الشَّيْخ؛ وهي شجرة يقال لها: شجرة الشيوخ (لسان العرب: 32:3).
  3. بحارالأنوار: 337:42.