في رثاء الإمام











في رثاء الإمام



2996- الإمام الحسن عليه السلام:


أين من کان لعلم ال
-مصطفي في الناس بابا


أين من کان إذا ما
قحط الناس سحابا


أين من کان إذا نو
ديَ في الحربِ استجابا


أين من کان دعاه
مستجاباً ومُجابا


وله عليه السلام:


خلّ العيون وما أرد
نَ من البکاء علي عليّ


لا تقبلن من الخلِيِّ
فليس قلبک بالخليّ


للَّهِ أنتَ إذا الرحال
ل تضعضعت وسط النديّ


فرّجت غمّته ولم
ترکن إلي فشل وعيّ


وله عليه السلام:


خذل اللَّه خاذليه ولا أغ
-مدَ عن قاتليه سيف الفناءِ[1] .


2997- الکامل للمبرّد عن أبي الأسود الدؤلي- في رثاء الإمام عليّ عليه السلام:


ألا أبلغ معاوية بن حربٍ
فلا قرّت عيون الشامتينا


أ في شهر الصيام فجعتمونا
بخير الناس طُرّاً أجمعينا!

[صفحه 280]

قتلتم خير من رکب المطايا
ورحّلها ومن رکب السفينا


ومَن لبس النعال ومن حذاها
ومن قرأ المثانيَ والمُبينا


إذا استقبلتَ وجه أبي حسينٍ
رأيت البدر راعَ الناظرينا


لقد علمت قريش حيث کانت
بأنّک خيرها حسباً ودِينا[2] .


2998- الکامل للمبرّد عن أبي زبيد الطائي- يرثي عليّ بن أبي طالبٍ عليه السلام-:


إنّ الکرام علي ما کان من خُلقٍ
رهط امرئٍ خاره للدين مختارُ


طبٍّ بصيرٍ بأضغان الرجال ولم
يُعدل بحبر رسول اللَّه أحبارُ


وقطرةٍ قطرت إذ حان موعدها
وکلّ شي ءٍ له وقتٌ ومقدارُ


حتي تنصّلها في مسجدٍ طهرٍ
علي إمام هديً إِنْ معشر جاروا


حُمّت ليدخل جنّاتٍ أبو حسنٍ
واُوجبت بعده للقاتل النارُ[3] .


2999- الإمام الصادق عليه السلام: لمّا قُتِل أميرالمؤمنين عليه السلام قال صعصعة بن صوحان:


ألا من لي بنشرک يا اُخيّا
ومن لي أن أبثّک ما أريّا


طوتک خطوب دهرٍ قد تولّي
کذاک خطوبه نشراً وطيّا


وکانت في حياتک لي عظاتٌ
وأنت اليوم أوعظ منک حيّا[4] .


3000- المناقب لابن شهر آشوب عن أبي صالح: لمّا قتل عليّ بن أبي طالب قال

[صفحه 281]

ابن عبّاس: هذا [اليوم][5] نقص الفقه والعلم من أرض المدينة.

ثمّ قال: إن نقصان الأرض نقصان علمائها وخيار أهلها، إنّ اللَّه لا يقبض هذا العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال، ولکنّه يقبض العلم بقبض العلماء، حتي إذا لم يبق عالم اتّخذ الناس رؤساء جهّالاً، فيُسألوا فيُفتوا بغير علم، فيضلّوا وأضلّوا.[6] .

3001- بحارالأنوار عن لوط بن يحيي عن أشياخه: لمّا اُلحد أميرالمؤمنين عليه السلام وقف صعصعة بن صوحان العبدي علي القبر، ووضع إحدي يديه علي فؤاده والاُخري قد أخذ بها التراب ويضرب به رأسه، ثمّ قال: بأبي أنت واُمّي يا أميرالمؤمنين، ثمّ قال:

هنيئاً لک يا أبا الحسن! فلقد طاب مولدک، وقوي صبرک، وعظم جهادک، وظفرت برأيک، وربحت تجارتک، وقدمت علي خالقک، فتلقّاک اللَّه ببشارته، وحفّتک ملائکته، واستقررت في جوار المصطفي، فأکرمک اللَّه بجواره، ولحقت بدرجة أخيک المصطفي، وشربت بکأسه الأوفي، فاسأل اللَّه أن يمنّ علينا باقتفائنا أثرک والعمل بسيرتک، والموالاه لأوليائک، والمعاداة لأعدائک، وأن يحشرنا في زمرة أوليائک، فقد نلت ما لم ينله أحد، وأدرکت مالم يدرکه أحد، وجاهدت في سبيل ربّک بين يدي أخيک المصطفي حقّ جهاده، وقمت بدين اللَّه حقّ القيام، حتي أقمت السنن، وأبرت الفتن واستقام الإسلام، وانتظم الإيمان، فعليک منّي أفضل الصلاة والسلام.

[صفحه 282]

بک اشتدّ ظهر المؤمنين، واتّضحت أعلام السُّبُل، واُقيمت السنن، وما جُمع لأحد مناقبک وخصالک، سبقت إلي إجابة النبيّ صلي الله عليه و آله مقدِماً مؤثراً، وسارعت إلي نصرته، ووقيته بنفسک، ورميت سيفک ذا الفقار في مواطن الخوف والحذر، قصم اللَّه بک کلّ جبّار عنيد، ودلّ[7] بکّ کلّ ذي بأس شديد، وهدم بک حصون أهل الشرک والکفر والعدوان والردي، وقتل بک أهل الضلال من العِدي، فهنيئاً لک يا أميرالمؤمنين، کنت أقرب الناس من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قرباً، وأوّلهم سلماً، وأکثرهم علماً وفهماً، فهنيئاً لک يا أبا الحسن، لقد شرّف اللَّه مقامک، وکنت أقرب الناس إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله نسباً، وأوّلهم إسلاماً، وأوفاهم يقيناً، وأشدّهم قلباً، وأبذلهم لنفسه مجاهداً، وأعظمهم في الخير نصيباً؛ فلا حرمنا اللَّه أجرک، ولا أذلّنا بعدک، فوَاللَّه لقد کانت حياتک مفاتح للخير ومغالق للشرّ، وإنّ يومک هذا مفتاح کلّ شرّ ومغلاق کلّ خير، ولو أنّ الناس قبلوا منک لأکلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، ولکنهم آثروا الدنيا علي الآخرة.

ثمّ بکي بکاء شديداً وأبکي کلّ من کان معه، وعدلوا إلي الحسن والحسين ومحمّد وجعفر والعبّاس ويحيي وعون وعبد اللَّه عليهم السلام، فعزّوهم في أبيهم صلوات اللَّه عليه، وانصرف الناس، ورجع أولاد أميرالمؤمنين عليه السلام وشيعتهم إلي الکوفة.[8] .

3002- الکافي عن اُسيد بن صفوان: لمّا کان اليوم الذي قبض فيه أميرالمؤمنين عليه السلام ارتُجّ الموضع بالبکاء ودهش الناس کيوم قبض النبيّ صلي الله عليه و آله، وجاء رجل باکياً وهو مسرع مسترجع وهو يقول: اليوم انقطعت خلافة النبوّة، حتي

[صفحه 283]

وقف علي باب البيت الذي فيه أميرالمؤمنين عليه السلام فقال:

رحمک اللَّه يا أبا الحسن! کنت أوّل القوم إسلاماً، وأخلصهم إيماناً، وأشدّهم يقيناً، وأخوفهم للَّه، وأعظمهم عناء، وأحوطهم علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وآمنهم علي أصحابه، وأفضلهم مناقب، وأکرمهم سوابق، وأرفعهم درجة، وأقربهم من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وأشبههم به هدياً وخلقاً وسمتاً وفعلاً، وأشرفهم منزلة، وأکرمهم عليه، فجزاک اللَّه عن الإسلام وعن رسوله وعن المسلمين خيراً. قويت حين ضعف أصحابه، وبرزت حين استکانوا، ونهضت حين وهنوا، ولزمت منهاج رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إذ همّ أصحابه، وکنت خليفته حقّاً، لم تنازع ولم تضرع برغم المنافقين، وغيظ الکافرين، وکره الحاسدين، وصغر الفاسقين.

فقمتَ بالأمر حين فشلوا، ونطقت حين تتعتعوا، ومضيت بنور اللَّه إذ وقفوا، فاتّبعوک فهُدوا، وکنت أخفضهم صوتاً، وأعلاهم قنوتاً، وأقلّهم کلاماً، وأصوبهم نطقاً، وأکبرهم رأياً، وأشجعهم قلباً، وأشدّهم يقيناً، وأحسنهم عملاً، وأعرفهم بالاُمور. کنت واللَّه يعسوباً للدين، أوّلاً وآخراً: الأوّل حين تفرّق الناس، والآخر حين فشلوا، کنت للمؤمنين أباً رحيماً، إذ صاروا عليک عيالاً، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا، وحفظت ما أضاعوا، ورعيت ما أهملوا، وشمّرت إذ[9] اجتمعوا، وعلوت إذ هلعوا، وصبرت إذ أسرعوا، وأدرکت أوتار ما طلبوا، ونالوا بک ما لم يحتسبوا.

کنت علي الکافرين عذاباً صبّاً ونهباً، وللمؤمنين عمداً وحصناً، فطرتَ واللَّه

[صفحه 284]

بنعمائها وفزت بحبائها، وأحرزت سوابقها، وذهبت بفضائلها، لم تفلل حجّتک، ولم يزُغ قلبک، ولم تضعف بصيرتک، ولم تجبن نفسک ولم تخُر.

کنت کالجبل لا تحرّکه العواصف، وکنت کما قال: آمن الناس في صحبتک وذات يدک، وکنت کما قال: ضعيفاً في بدنک، قويّاً في أمر اللَّه، متواضعاً في نفسک، عظيماً عند اللَّه، کبيراً في الأرض، جليلاً عند المؤمنين، لم يکن لأحد فيک مهمز، ولا لقائل فيک مغمز، ولا لأحد فيک مطمع، ولا لأحد عندک هوادة، الضعيف الذليل عندک قويّ عزيز حتي تأخذ له بحقّه، والقويّ العزيز عندک ضعيف ذليل حتي تأخذ منه الحقّ، والقريب والبعيد عندک في ذلک سواء، شأنک الحقّ والصدق والرفق، وقولک حکم وحتم وأمرک حلم وحزم، ورأيک علم وعزم فيما فعلت، وقد نهج السبيل، وسهل العسير واُطفئت النيران، واعتدل بک الدين، وقوي بک الإسلام، فظهر أمر اللَّه ولو کره الکافرون، وثبت بک الإسلام والمؤمنون، وسبقت سبقاً بعيداً، وأتعبت مَن بعدک تعباً شديداً، فجللت عن البکاء، وعظمت رزيّتک في السماء، وهدّت مصيبتک الأنام، فإنّا للَّه وإنّا إليه راجعون، رضينا عن اللَّه قضاه، وسلّمنا للَّه أمره، فوَاللَّه لن يُصاب المسلمون بمثلک أبداً. کنت للمؤمنين کهفاً وحصناً، وقُنّة[10] راسياً، وعلي الکافرين غلظة وغيظاً، فألحقک اللَّه بنبيّه، ولا أحرمنا أجرک، ولا أضلّنا بعدک. وسکت القوم حتي انقضي کلامه وبکي وبکي أصحاب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، ثمّ طلبوه فلم يصادفوه.[11] .

[صفحه 285]



صفحه 280، 281، 282، 283، 284، 285.





  1. المناقب لابن شهر آشوب: 313:3، بحارالأنوار: 241:42.
  2. تاريخ الطبري: 150:5، الکامل في التاريخ: 438:2، مروج الذهب: 428:2 وفيه «النور فوق» بدل «البدر راع»، المعجم الکبير: 103:1 وليس فيه البيت الخامس وفيه «خيسها» بدل «رحّلها»، أنساب الأشراف: 265:3 وليس فيه البيت الثاني والخامس، الفصول المهمّة: 138؛ روضة الواعظين: 153 وفيه «أکرمهم» بدل «رحّلها» وراجع اُسد الغابة: 3789:116:4 ووفيات الأئمّة: 75.
  3. الکامل للمبرّد: 1123:3.
  4. روضة الواعظين: 153.
  5. ما بين المعقوفين أثبتناه من بحارالأنوار.
  6. المناقب لابن شهر آشوب: 308:3، بحارالأنوار: 45:236:42.
  7. کذا في المصدر، والظاهر أنّها بالمعجمة.
  8. بحارالأنوار: 295:42.
  9. بحارالأنوار: 295:42.
  10. القُنّة: أعلي الجبل، وهو علي الاستعارة (مجمع البحرين: 1518:3).في.
  11. الکافي: 4:454:1، کمال الدين: 3:388، الأمالي للصدوق: 363:312 کلاهما نحوه، بحارالأنوار: 4:303:42 وج 1:354:100.