لقاء المحبوب











لقاء المحبوب



2976- الأمالي للصدوق عن حبيب بن عمرو: دخلت علي أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام في مرضه الذي قُبض فيه فحلّ عن جراحته، فقلت: يا أميرالمؤمنين، ما جرحک هذا بشي ء وما بک من بأس، فقال لي: يا حبيب، أنا واللَّه مفارقکم الساعة. قال: فبکيت عند ذلک وبکت اُمّ کلثوم وکانت قاعدة عنده، فقال لها: ما يُبکيک يا بُنيّة؟ فقالت: ذکرت يا أبة إنّک تفارقنا الساعة فبکيت، فقال لها: يا بنيّة لا تبکين، فوَاللَّه لو ترين ما يري أبوک ما بکيت. قال حبيب: فقلت له: وما الذي تري يا أميرالمؤمنين؟ فقال: يا حبيب، أري ملائکة السماوات والنبيّين بعضهم في أثر بعض وقوفاً إلي أن يتلقّوني، وهذا أخي محمّد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله جالس عندي يقول: أقدم؛ فإنّ أمامَک خير لک ممّا أنت فيه. قال: فما خرجت من عنده حتي تُوفّي عليه السلام.[1] .

2977- ربيع الأبرار عن أسماء بنت عُميس: أنا لعندَ عليّ بن أبي طالب عليه السلام بعدما ضربه ابن ملجم، إذ شهق شهقةً، ثمّ اُغمي عليه، ثمّ أفاق فقال: مرحباً، مرحباً، الحمد للَّه الذي صدقنا وعده، وأورثنا الجنّة، فقيل له: ما تري؟ قال: هذا رسول اللَّه، وأخي جعفر، وعمّي حمزة، وأبواب السماء مفتّحة، والملائکة

[صفحه 267]

ينزلون يسلّمون عليَّ ويبشّرون، وهذه فاطمة قد طاف بها وصائفها من الحور، وهذه منازلي في الجنّة، لمثل هذا فليعمل العاملون.[2] .

2978- بحارالأنوار عن محمّد ابن الحنفية: لما کانت ليلة إحدي وعشرين وأظلم الليل- وهي الليلة الثانية من الکائنة- جمع أبي أولاده وأهل بيته وودّعهم... ثمّ عرضنا عليه المأکول والمشروب فأبي أن يشرب فنظرنا إلي شفتيه وهما يختلجان بذکر اللَّه تعالي، وجعل جبينه يرشح عرقاً وهو يمسحه بيده، قلت: يا أبتِ أراک تمسح جبينک فقال: يا بُنيّ، إنّي سمعت جدّک[3] رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: إنّ المؤمن إذا نزل به الموت ودنت وفاته عرق جبينه وصار کاللؤلؤ الرطب وسکن أنينه، ثمّ قال: يا أبا عبد اللَّه ويا عون، ثمّ نادي أولاده کلّهم بأسمائهم صغيراً وکبيراً واحداً بعد واحد، وجعل يودّعهم ويقول: اللَّه خليفتي عليکم، أستودعکم اللَّه وهم يبکون، فقال له الحسن عليه السلام: يا أبه، ما دعاک إلي هذا؟ فقال له: يا بُنيّ إنّي رأيت جدّک رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في منامي قبل هذه الکائنة بليلة، فشکوت إليه ما أنا فيه من التذلّل والأذي من هذه الاُمّة، فقال لي: ادعُ عليهم، فقلت: اللهمّ أبدلْهم بي شرّاً منّي وأبدلني بهم خيراً منهم، فقال لي: قد استجاب اللَّه دُعاک، سينقلک إلينا بعد ثلاث، وقد مضت الثلاث، يا أبا محمّد اُوصيک- ويا أبا عبد اللَّه- خيراً، فأنتما منّي وأنا منکما...

ثمّ قال: يا أبا محمّد ويا أبا عبد اللَّه کأنّي بکما وقد خرجت عليکما من بعدي الفتن من ههنا، فاصبرا حتي يحکم اللَّه وهو خير الحاکمين.

ثمّ قال: يا أبا عبد اللَّه أنت شهيد هذه الاُمّة؛ فعليک بتقوي اللَّه والصبر علي

[صفحه 268]

بلائه، ثمّ اُغمي عليه ساعة، وأفاق وقال: هذا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وعمّي حمزة وأخي جعفر وأصحاب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وکلّهم يقولون: عجِّل قدومک علينا فإنّا إليک مشتاقون، ثمّ أدار عينيه في أهل بيته کلّهم وقال: أستودعکم اللَّه جميعا سدّدکم اللَّه جميعاً حفظکم اللَّه جميعاً، خليفتي عليکم اللَّه وکفي باللَّه خليفة.

ثمّ قال: وعليکم السلام يا رسلَ ربّي.

ثمّ قال: «لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَمِلُونَ»[4] «إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّ الَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ»[5] وعرق جبينه وهو يذکر اللَّه کثيراً، وما زال يذکر اللَّه کثيراً ويتشهّد الشهادتين.

ثمّ استقبل القبلة وغمّض عينيه ومدّ رجليه ويديه وقال: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريک له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، ثمّ قضي نحبه عليه السلام.

و کانت وفاته في ليلة إحدي وعشرين من شهر رمضان، وکانت ليلة الجمعة سنة أربعين من الهجرة.[6] .



صفحه 267، 268.





  1. الأمالي للصدوق: 510:396، روضة الواعظين: 154 وراجع إثبات الوصيّة: 164.
  2. ربيع الأبرار: 208:4.
  3. کذا في المصدر.
  4. الصافّات: 61.
  5. النحل: 128.
  6. بحارالأنوار: 293-290:42.